الجمعة، 20 أغسطس 2010

فاطمة بنت الميدّاح
في مقابلة خاصة


عدتم للتو من غزة، بعد تنظيم قافلة للمعونات الإنسانية، هل لكم أن تحدّثونا عن بداية فكرة هذه القافلة ؟

افّو: بسم الله الرحمن الرحيم .. الحمد لله رب العلمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


بدأت لدينا فكرة القافلة عند رجوع السيد محمد غلام ولد الحاج الشيخ، بعد مشاركته في أسطول الحرية، وقد اتصلنا به في نساء الرباط الوطني لنصرة فلسطين، في حفل تكريمه، وسألناه عن ما يمكن أن نساهم به كمساعدة لفلسطين، ولرفع الحصار عن قطاع غزة، فكانت إجابته أن نجمع وفدا نسائيا موريتانيا، يضم كافة أو أغلب الطيف السياسي الموريتاني، للعبور إلى غزة، وبذلك نكون قد قدّمنا خدمة جليلة للشعب الفلسطيني.

وهكذا انصبّ اهتمامنا في البداية على اتخاذ خطوة سريعة ذات دلالة سياسة ومعنوية أكثر، فبدأنا اتصالنا بالفاعلات السياسيات، والبرلمانيات، والفاعلات في المجتمع المدني، فاستجاب البعض، والبعض الآخر كانت لديه ظروف خاصة، كانت الشيخة "فيفي منت افيجي" من أوائل من اتصلنا بهن وأبدين استعدادا للفكرة، وسافرت قبلنا إلى مصر لمهمة خاصة وبقينا على اتصال بها، وقد اخبرتنا أن معبر رفح مفتوح فقط أمام حاملى المساعدات الإنسانية، على خلاف ما كنا نتصور، من هنا بدأنا حملة لجمع التبرعات، وفي وقت وجيز حصلنا على مبلغ وشرعنا في إجراءات السفر، فتقدّمنا للسفارة المصرية وحصلنا على التآشر، وسافرنا ثلاثتنا فقط بالإضافة إلى "فيفي" التي كانت قد سبقتنا إلى مصر، وقد كان ضيق الوقت، ومضايقة شهر رمضان سببا في قلة العدد .. هكذا كانت بداية فكرة القافلة والترتيبات الأولية لها.
..

ما طبيعة المعونات التي حملتن إلى القطاع، والمبلغ الذي حصلتن عليه تحديدا ؟

افّو: كان المبلغ الذي سافرنا به من هنا عشرة آلاف أورو، وبعد اتصالنا بالسفارة الموريتانية في مصر لترتيب العبور إلى غزة، ارتأت علينا زيادة المبلغ ما دمنا وفدا بهذا المستوى، فبدأنا اتصالاتنا من جديد بموريتانيا، وبفضل الله أولا ثم بجهود الشيخة المعلومة منت الميداح، وبعض فاعلى الخير الذين يتحفّطون على ذكر أسمائهم -وبالمناسبة نشكرها ونشكرهم ونرجو الله تعالى أن يتولى جزاءهم- فأرسلوا لنا مبلغ 20,000 أورو ليصل المبلغ الكامل إلى 30.000 أورو، وبما أن معبر رفح لا يسمح بمرور شيء منه عدا المواد الطبية تم صرف المبلغ المذكور في 21 طنا من المواد الطبية، وأربعة أطنان من حليب الأطفال المتوفر في الصيدليات.

ما هي أهم الصعوبات التي واجهتكن .. قبل الذهاب أو خلال فترة تربّصكن في مصر قبل الحصول على رخصة العبور ؟

افّو: كانت هناك مجموعة من الصعوبات .. تكمن أساسا في ظروف تحضير السفر، خاصة أنه كان سفرا مرتجلا، نظرا للظروف الإستثنائية التي تم فيها، بسبب مضايقة رمضان، وتزامنه مع بداية العطلة الصيفية، وأكبر الصعوبات التي واجهناها في نظري هي تكوين فريق يتمتّع بقدر من الانسجام، فطبيعة العلاقة بين المعارضة والموالاة حينها كانت تعيق إلى حد ما تكوين فريق بهذا المستوى من الانسجام من جميع الأطراف، ولكن بحمد الله ورغم قلة عدد الفريق إلا أنه كان يمثل أغلبية الأطراف، وكان هناك انسجام تام بين أفراده.

وبالنسبة للعراقيل الأخرى، فإن أغلبها كان ناتجا عن عدم إلمامنا بالموضوع بشكل جيد، فكنا نتصور الأمور أسهل مما صادفنا، فالحصول على إذن المرور إلى غزة كان يتطلب وقتا كبيرا، كان على حساب راحتنا المعنوية أساسا، لأن ظروفنا المادية كانت جد متميزة، فالأخت "فيفي" التي كنا في ضيافتها، كانت في منزل لأسرة موريتانية، كانت توصف في مصر بأنها من البرامكة لكرمها، وهو ما لاقيناه قطعا، فوصلنا كرمهم من غير أن نراهم، وهذا ما يفسر الظروف الجيدة التي كنا فيها، إلا أننا استعجلنا الحصول على الرخصة .. والرخصة بالفعل كانت تتطلب قدرا من الوقت .. و"تدخّلا"، وبالمناسبة نشكر رئيس الجمهورية الذي أعطى الأوامر للسفارة بالحصول لنا على الرخصة عن طريق القنوات الدبلوماسية، أما فيما يخص بعض العراقيل الأخرى، فيصدق فينا قول بعض القبائل الموريتانية .. "إن الحق لا يقال والكذب حرام" .. وبالتالى فالعراقيل التى واجهناها في مصر لا نود الحديث عنها.

كم مكثتم تحديدا في مصر ؟

افّو: مكثنا 20 يوما تقريبا.


بعد وصولكن غزة ما هي أهم اللقاءات التي عقدتن والأنشطة التي قمتن بها ؟

افّو: عند وصولنا .. وجدنا وفدا رفيع المستوى في انتظارنا .. كان في اتصال معنا بواسطة الهلال الأحمر الفلسطيني، وأبدينا له رغبتنا في اللقاء برئيس الوزراء إسماعيل هنية، وفور وصولنا كان لنا لقاء به .. كان لقاءا بناءا واستمر لثلاث ساعات .. أطلعنا خلالها على مشاكل غزة .. ومسار مواجهة الحصار .. وأمدّنا بخطة عمل تمكّننا من مد العون لإخواننا في غزة.

من خلال تجربتكم في القافلة .. إلى أي حد ترين أنكن ساهمتن في كسر الحصار المفروض على قطاع غزة ؟

افّو: في نظري ساهمنا في كسر الحصار لأننا أول وفد موريتاني يدخل القطاع .. يحمل معونات، إذا استثنينا الخليل ولد الطيب الذي كان ضمن وفد للبرلمان العربي، فالوفود التي سبقتنا كلها لم تتمكّن من الدخول، وبالتالي فدخولنا يمثّل كسرا للحصار، وإن كان دون طموحاتنا، لأننا نعتبر أن الحصار يجب أن يرفع، ويجب على الجميع المساهمة في كسره .. فهذا واجب كل من يستطيع الوصول إلى غزة .. يجب على البرلمانيين ورجال السياسة والمحامين والأطباء والنساء والشباب، الكل مطالب بممارسة الضغط على من يمنعون الناس من الدخول إلى غزة .. على الأقل بالاعتصام هناك حتى الدخول، فالحصار في نظري في بداية انهياره، ومن عايش الأوضاع التي عاينّاها في غزة لا يمكن أن يتحمل تلك المشاهد، إذا كان ينتمي حقا لهذه الأمة، أو حتى إذا كان ينتمي للإنسانية .. ولا يمكن استمرار الصمت عليها، لأن الحصار جريمة في حد ذاته، والسكوت عليه جريمة أكبر، وعدم التفكير في المساهمة في رفعه جريمة أخرى، فغزة حزينة تعاني .. وغزة مدمّرة، لكن أهل غزة مع ذلك مرتفعوا المعنويات .. صامدون مجاهدون رافضون للحصار.

بعد تجربتكم في القافلة .. ما هي الرسالة التي تبعثون بها إلى العالم ؟

افّو: لدينا عدة رسائل .. الرسالة الأولى للصهاينة، أود أن أقول لهم أن كفى حصارا واحتلالا .. ليعود ا من حيث أتوا، ويقتنعوا بأن أرض فلسطين أرض مغتصبة، وأهلها متمسكون بها ومستعدون للموت في سبيلها، فالأفضل لهم أن يبحثوا عن مستقبل خارج أرض فلسطين، ويدركوا أن احتلالهم آئل إلى زوال، فليتركوا أرض فلسطين لأهل فلسطين، ويعودوا أدراجهم.

الرسالة الثانية لشعب مصر العظيم، وقيادته .. أقول لهم أن آن الأوان لفك الحصار عن غزة، بصراحة من عايش أوضاع غزة وشاهد الأوضاع في مصر يتألم، فعلى الحكومة المصرية إذن رفع الحصار عن القطاع، على الأقل تسهيل العبور لمن يريد العبور إلى قطاع غزة.

رسالتى إلى أهل موريتانيا وإلى الأمة جمعاء بالأحرى أنه يجب عليهم القيام بواجبها تجاه فلسطين وإلا فإننى أخشى لا قدّر الله أن يطالنا عقاب الله على سكوتنا على هذه الجريمة النكراء، فغزة مستباحة والصهاينة دمروا كل شيء .. دمروا البنى التحتية .. دمروا الحقول .. وقتلوا الأطفال.

رسالتي الأخيرة لأهل غزة أن بارك الله فيكم وزادكم صمودا، فالنصر حليفكم إن شاء الله ونتمنى لهم رفع الحصار وأن نلقاهم مرة أخرى على أرض غزة ونلقاهم ونحن في بلادنا، وبالمناسبة نوجه لهم دعوة لزيارة أهلهم في موريتانيا.

وأشكر في النهاية جميع من ساهم في إنجاح هذه القافلة التي كانت في الحقيقة "رحلة العمر" إذا جاز التعبير .. رحلة التقينا فيها الأهل والأحبة بعد شوق وانتظار طويل، كما أخص بالشكر السفارة الموريتانية في مصر على ما قامت به من جهود جبّارة في التسهيل من مهمة هذه الرحلة، وأشكر السراج أيضا على هذه المقابلة.

السراج + المذرذرة اليوم

mederdratoday@gmail.com
Tel 2240979

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

حقيقة يا أهل المذرذره، إن أسرة أهل الميداح هذه تنوركم و تظهر يوما بعد يوم أنها ليست كباقي الأسر التي تصنف معها في نفس الخانة وهذا من الملاحظات التي يجب علي موقعكم أن لا يسكت عنها... هنيئا للمذرذره حقا...

غير معرف يقول...

مقابلة في المستوى