السبت، 16 أكتوبر 2010

تاريخ موريتانيا
"بين سطور" الحسين

أول زاوية كتبها الحسين ولد محنض كانت "بين السطور": تلك الملحمة اللغوية الخالدة. لم نكن نتصور حينها أن كل ما سيكتبه الحسين سيكون انعكاسا أو إعادة إنتاج لـ "بين السطور". لكن "التاريخ أعاد نفسه" مرات، كان آخرها كتابه الموسوعي: "تاريخ موريتانيا".

فعندما تقرأ "تاريخ موريتانيا" لا تنتظر من سطوره أية معلومة مفيدة جدا، بل غص بين سطوره لتجد التاريخ كما لا يريد الحسين أن يعبر عنه.. التاريخ كما هو قراءة ذكية لأحداث قلما فهمها مؤرخو مطابع الورق الرديء.. التاريخ كما هو تحليلات ومقارنات وغربلات ونبش بمعاول تحتاج إلى مخ أكثر مما تحتاج إلى قلم ورزمة ورق.
قد لا يحتاج الحسين كبير عناء ليكتب في التاريخ فهو ابن الشيخ ولد محنض لأمه عائشة بنت المختار ولد حامدن. إنها عجينة قوية من أنقى سلالات إكيدي (وإن "تـَـبَـتـْـلمَتْ" قليلا). فليكتب إذن عن التاريخ كما يشاء، وبخلفية أكاديمية تارة، وبأخرى فقهية تارات: فـ"الناس مصدقون في أنسابهم". إنها إكراهات واقع يعيش أهله أبدا في كانتونات الماضي. وليكن!.. لأن الحسين المؤرخ يعرف، في ما "بين السطور" أن الأنساب في مجملها كناش تعاد صياغته حسب المصالح والظروف. لكن الحسين الفقيه يعرف، في السطور، حساسية الأنساب في بلد يعيش حاضرُه في ماضيه، ويعرف جيدا أن عليه - كي يكتب- أن يصدق الناسَ في أنسابهم.

"تاريخ موريتانيا" مكتبة نادرة وألف كتاب في كتاب. إنه بحق "أول توثيق منهجي لتاريخ بلاد شنقيط"؛ فهو يحملك على أكتافه، دونما ضجر، فيوصلك إلى ما قبل العصر الحجري، ثم يعرج بك إلى ما قبل الملثمين، فصنهاجه. وقد يتدحرج بك إلى الغزو الفرعوني، فالفينيقي، فالوندالي، فالبيزنطي. وبعد رحلة ممتعة بين شعوب هذه الحضارات يحرك الكتاب جناحيه فيطير بك، بمنهجية سلسة، ليوصلك إلى مملكة آوكار، فدولة المرابطين، فالتاريخ "السائب"، فالحملات السعدية، فنزوح بني حسان، فالرحلات الاستكشافية الأوربية. ودون ملل أو نصب يحملك في نزهة علمية جميلة إلى دولة ناصر الدين (وحربها الباردة الحارة)، ومن ثم الدولة الألمامية، فالإمارات المغفرية، فالإمارة الإعيشية، فدولة عمر الفوتي، وحتى إرهاصات دخول المستعمر.

إنه ملخص لآلاف السنين، وآلاف الشعوب، وآلاف القلاقل، وآلاف الحروب، وآلاف الأنساب، وآلاف الإيماءات، وآلاف "التمريرات" الذكية بالمعنى الرياضي. 652 صفحة في مجلدين نقحا وصوّبا وصححا الكثير من أغلاط المؤرخين وتصحيفاتهم وانزلاقاتهم وتشويهاتهم.
"تاريخ موريتانيا" ليس مجرد حوصلة كجل سابقيه. إنه تفسير لبعض الظواهر وشرح غارق في الذكاء لبعض المفاهيم والأسماء. فـ "الكبله" - مثلا لا حصرا- لم تعد جهة فحسب، بل إن لمدلولها علاقة تاريخية بالخوارج، وهلم جرا، هلم جرا. فلنقرأ ما بين سطوره إذن، ولننصف السطور؛ فما كان لزمن البوح أن يظلنا وبنو قيس هاهنا بالحمى وفلول عبس هناك على مقربة من الحريم.


محمد فال ولد سيد ميله

mederdratoday@gmail.com
Tel 2240979

هناك 4 تعليقات:

Ahmed يقول...

Je suis persuadé que ce Monsieur houssayn avait relaté l’histoire de la Mauritanie
Avec une vision purement daymaniiste, personnellement je veux consulter
Le contenu de ce livre pour mesurer sa crédibilité intellectuelle, espérons
que ce Monsieur puise se débarrasser avec l’ombre de son père Moktar ould hamidon

الصنهاجي يقول...

اخي محمد فال شكرا علي التنقيب والنبش في خفايابين سطور الحسين لكن ألاتري معي انه ان الأوان ان نخرج بتاريخ موريتانيا من مخبئه ؟ ويكون بارزا فوق السطور.اخي دائما ما تكون الحقيقة هي أولى ضحايا الصراع لكن على الإنسان أن يحاول جهده البحث عنها فى ركام التناقضات وأن يُبعدالعناصر الأنتربولوجية أثناء البحث عنها.

غير معرف يقول...

هو بدال ذ ماريتول ماه ذ الصوره ال فيه كيفنو واع مزال فجبهتو بل اسادت الركاد

غير معرف يقول...

هذا بعد لكتاب ال اهيدن اعليه بدال ان بعد ماتل كابظن اغباه
بي ال نعرف عن ماه لاه يكنب عن هذا ماه لاعاد كاتب ل ذاك ال زين عند افحرب ناصر الدين رضي الله عنه