الاثنين، 13 سبتمبر 2010

الدكتور محمد الحافظ ولد اكاه
في مقابلة خاصة (6)


جمال ولد الحسن


تحدثتم عن عشرية 84- 94 واعتبرتم أنها فترة تمدد للعمل الإسلامي، دون أن يتمكن العاملون حينئذ من الاستفادة من كل فرص الجمهور والساحة، حبذا لو تحدثتم اليوم عن بعض الشخصيات التي رحلت عن عالمنا، والتي تركت بصماتها على ذلك المسار؟


ولد اكاه: أسأل الله تعالى أن يرحم إخواننا الذين عاشوا معنا على هذه الدعوة ولإعلاء كلمة الله ونصرة دين الحق، رحمهم الله، وغفر لهم ورفع درجاتهم في عليين، وتقبّل منهم صالح الأعمال .. ووفّق الباقين لكل خير، وسلك بهم طريق التسديد والنجاح.
قد لا يعرف كثير من الناس كثيرا من أولئك الرجال المجهولين في مسيرة هذه الدعوة، هم أقمار على كل حال وما ضرهم أن الناس لا يعرفونهم، ولكن الله يعرفهم.
أذكر من هؤلاء، الأخ الفاضل محمدي ولد خيري، من قرية برينة والنباغية .. كان معلما، وكان من أول قيادات العمل الإسلامي في موريتانيا، بهدوء ورزانة ووقار، ودوام صمت واحتساب لله، كما أرانا الله، وقد توفي رحمه الله على ما أعتقد سنة 1981 وأنا إذ ذاك في المغرب .. كنا نشبّهه بالإمام الشهيد حسن البنا في الجد والاحتساب والصبر والوقار والحسم واليقظة.

أتذكر الأستاذ الفاضل الجليل صاحب العلم والنبل والإباء والشرف الرجل الصالح محمد عالي بن زين .. كان صاحب تقوى .. وصاحب خوارق .. كان يسرّ إليّ ببعضها، كان من قيادات العمل الإسلامي المخلصين .. من أهل الصدق، منّ الله عليه بخلّة الصدق والإخلاص.
أتذكّر شابا فاضلا اسمه محمد فال البصادي، كان ممرض دولة .. وفي بداية الثمانينات .. كان من خيرة الشباب، حصيفا ذكيا لبقا.

أيضا الشاب العالم سيدي محمد ولد النفيس .. قد لا أذكره ضمن الشباب حينئذ .. أذكر أنه عالم وفقيه، وبعدما تخرّج، أعطى نفسه للسكنى في المحاظر، وعايشته مدة في محظرة أهل الطالب إبراهيم في آفطوط.
نذر نفسه -وهو عالم- لخدمة طلاب العلم .. كان "يكرّر" لهم النصوص، ويخدم الناس .. يجلب الماء للأحياء، ويحلب لهم حلائبهم.

أذكر أيضا الشاب الورع العالم الذي حمل شعار الإخوان المسلمين، وكان يقول جاءنا هذا الخير، وكشفت لنا هذه الصفحة من خلال جماعة تسمى الإخوان المسلمين، ولن ندع هذا الاسم، وسنحمله شعارا خالدا في أنفسنا أبدا .. هذا الشاب العالم هو المرحوم أحمد البدي ولد محمد المختار ولد محمد الأمين ولد أحمد ولد بدي ولد سيدينا (العالم الشاعر المعروف) وقد شهد له العلامة اباه ولد عبد الله بأنه عاش عمر عمه الشاعر والعالم محمدو ولد محمدي وأنه أعلم منه.
أحمد البدي رحمه الله تخرج من أول دفعة من المعهد العالي، وكان رجلا فقيها منظرا يملك فكرا أكاديميا تنظيريا وتنظيميا أكبر من ثقافة الطلاب الذين درسوا النصوص المحظرية، كنا نتعجّب من علمه وقدرته على التنظير والإلقاء رحمه الله رحمة واسعة.

من هؤلاء أيضا الشاب الفقيه محمد الأمين بن الإمام .. وقد تخرّج من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وكان أستاذا بمعهد ابن عباس، وهو رجل فاضل وشاعر يكتب الشعر العمودي وشعر التفعلة، وكان يكتب في "الشعب" بعض المقالات الإسلامية التي تستثير النقاش، وكان يأتي إلى تجمعات العمال -حين كانت تنتشر في صفوفهم النزعة اليسارية -فيناقشهم ويحاورهم، وقد كان بالجملة سفير الخطاب الإسلامي .. وقد توفي رحمه الله تعالى في طريق عودته من مخيم في كيفة سنة 1986 وسمي مخيم الإيمان، وكان هو أمير ذلك المخيم، وقد كان وقع الخبر علي مؤثرا للغاية، جئت أسأل عنه فقيل لي دفناه البارحة، فتأثرت جدا .. وبعد فترة رأيت من الواجب في هذا العالم المفلس من القيم أن علي أن أبش له في قفاه كما كنت أبش له في وجهه، فكتبت في رثائه قصيدة حملت عنوان "أغاريد الجنان" وأردت أن أبيّن فيها للجيل، بعض معالم القدوة التي رأيتها ماثلة في شخصية المرحوم محمد الأمين ،أسبغ الله عليه الرحمة والغفران، فقد كان صاحب إباء وشهامة، وكان أديبا بارعا.

هنالك سؤال يطرح نفسه عن المرحوم جمال ولد الحسن وعلاقته بالإسلاميين، أي مسار طبع تلك العلاقة ؟

ولد اكاه: المرحوم جمال ولد الحسن رجل إسلامي الفكرة والسلوك .. وعلاقاته بأصحاب هذا التيار علاقات طيبة وحميمة، ما مدى اندماجه في مجموعات هذا الاتجاه .. لا أعرف ؟
جمال ظل يخدم هذه الفكرة وهذا الاتجاه في فكره ومنبره .. في بحثه وسعة ثقافته .. خدمت النماذج الطموحة التي يسعى الاتجاه الإسلامي إلى تربيتها وترسيخها في الثقافة والمجتمع.
وسلوك الرجل كذلك كان خادما لهذا المعنى، وأشهد له بذلك .. فنحن درسنا معا الثانوية، وكان مقتنعا بالحل الإسلامي، ولما يتبلور الاتجاه الإسلامي في موريتانيا، ويرى أن هذا الحل هو الأكمل والأشمل لحل مشكلات البشرية.
وأذكر أنه أيضا كان معتزا بهذه النسبة الإسلامية، فمرة ونحن في الفصل ناداه أحد الطلاب وكان في الفصل ناشطون ناصريون فقال له "جمال..جمال"، فرد عليه جمال بنبرته السريعة "من فضلك .. لا اطير لي راصي .. اسمي أحمدو ولد الحسن" وأنا الآن رأيت بعض من يكتب في تاريخ التيار الإسلامي من أساتذتنا الفضلاء، ذكرت له فترتنا في الإعدادية وأنني وجمالا كنا نتعهّد الساحة التي تقع الآن شمال دار الشباب القديمة، ضحوة يوم الأحد الذي كان عطلة، فيعرض القرآن رحمه الله تعالى، كان ذلك أعوام 73-74 فإذا بأستاذنا يصرّ على أن يعتبر ذلك جزء من بدايات تشكل التيار الإسلامي في البلد.
وأذكر ذات صباح .. قال لي لقد بت البارحة مشردا .. فقد سافر الوالدان وجاء بعض الشباب وحضر معهم بعض المغنين وخرجت من الدار لا أستطيع أن أتحمّل ذلك وطرقت عقب الليل القسم الداخلي .. رحم الله أخي جمالا .. كنت وإياه أخوين في الفصل كل منا يكتب لصاحبه بما دار في غيابه، ليس الدروس وإنما من تدخّل من الطلاب .. كيف كانت النقاشات، إلى غير من الأمور، وبعد الثانوية انتقل إلى تونس، وانتقلت إلى المغرب، وأصبحنا نلتقي لماما، وما أعرفه أن الرجل كان إسلامي الفكرة والسلوك، وصلاته قوية بالإسلاميين، وأعتقد أن هذا التصور هو المناسب لشخصيته ولمحوريته وثقافته رحمه الله تعالى.

السراج + المذرذرة اليوم

mederdratoday@gmail.com
Tel 2240979

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

رحمه الله

غير معرف يقول...

كافيكم من ول اكاه جيب اخبار اخر سحفيتون
ا