الخميس، 24 يونيو 2010

محمد فال ولد بومبيرد
يكتب للمذرذرة اليوم

أصول لمعلمين
..


إن الرد على هذا السؤال يتطلب منا الرجوع إلى معرفة الأصول البيظانية، ومن أين جاءوا .. وهذه المسألة معروفة سلفا.
فهذه الشريحة الاجتماعية من المجتمع الموريتاني تحمل نفس الخصائص والأصول والعادات والتقاليد للمجتمع البيظاني، فهي جزء لا يتجزأ من التركيبة الإجتماعية لهذا المجتمع، ولم تأت من خارجه، ولا توجد لها أصول غيرالأصول المعروفة للمجتمع البيظاني، لكن المجتمع طبعهم بمهنتهم، بغض النظر عن أصولهم، وأصولهم كما أشرنا مختلفة اختلاف أصول القبائل الموريتانية، فمنهم من ينتمي إلى القبائل العربية المعروفة (قبائل بني حسان) ومنهم من ينتمي إلى القبائل البربرية (صنهاجة، لمتونة، ومسومة وغيرهم)، ومنهم من له أصول زنجية، ومنهم الشرفاء.
وحتى أنه بإمكانك أن تميز وبكل بساطة، أصول هذه الشريحة الإجتماعية، عن طريق عملها ومنتوجاتها التي تصنعها، حيث نجد صناعا يمارسون صناعة لها طابع قتالي، كالأسلحة مثلا، والبنادق، والسهام والرماح، والسروج، والخناجر.. وهذا ما يعني أن هذا النوع من الصنّاع في الغالب ينتمي عرقيا إلى القبائل العربية المعروفة، بإعتبارها القبائل الحاملة للسلاح.
كما نجد صنّاعا آخرين يوفّرون منتوجات أخرى غير المنتوجات القتالية، تعكس انتماءهم العرقي البربري الأصلي كالحلي والمجوهرات وآلات وأدوات الخيمة الموريتانية المعروفة، ويبدعون فيها أيّما إبداع.
وهذا يعني أن شريحة الصناع جزء لا يتجزأ من هذا النسيج الإجتماعي، والطابع الوحيد الذي يربطها هو طابع المهنة وخصوصية العمل اليدوي الذي تخصّصت فيه خدمة لبقاء هذا المجتمع المنتمية إليه عرقيا ودينيا وثقافيا، وهذا يدخل من باب تقسيم المهام في المجتمع كل حسب تخصصه وقدرته على إتقان المهام المناطة به.
ولكن إذا كان الأمر هكذا .. بمعني أنه إذا كان الصنّاع الموريتانيون يحملون نفس الأصول البيظانية، ونفس العادات والتقاليد فلما هذا التمييز في حقهم ولماذا هذا الاحتقار وما هي الجرائم التي ارتكبوها حتى ينظر إليهم بهذه النظرة الإزدرائية ؟!.
وإذا كان امتهانهم لهذه الصنعة التقليدية لعنة عليهم فلماذا لا يتركونها ويمارسون مهام أكثر قبولا عند المجتمع؟! وأكثر مردودية عليهم، ويتركون هذه الخدمة شبه المجانية التي لم تجلب لهم إلا العار والإحتقار؟!
إن الجواب على هذه التساؤلات يتطلب الرجوع إلى تاريخ مجتمعنا وعاداته وتقاليده الإجتماعية، والطريقة التي ينظر بها إلى الممارسين لمجمل الأعمال اليدوية، والتي تتطلب مجهودا عضليا، كما أشرنا في مقدمة هذا البحث، فالصانع لم يرتكب جريمة أكبر من ممارسته لهذا العمل، فلو لم يمارس هذا العمل الذي لم يرغم عليه أصلا لما كان على هذا الحال من الإحتقار والإزدراء، ولكان كباقي المجتمع، يتمتّع بنفس الحقوق ونفس الإمتيازات التي يتمتّع بها باقي المجتمع.

ولعله من الغرابة أن الشخص الذي يمتهن هذه المهنة بقناعته الشخصية، يغضب عليه من طرف القبيلة ويشطب على اسمه من سجلات القبيلة، ويدرج اسمه في لائحة المملوكين، وهذا ما يفسر تلك الهجرات الممتالية لبعض أسر الصنّاع من قبائلهم الأصلية إلى قبائل أخرى طلبا للتقدير والإحترام، والأمثلة كثيرة على ذلك، فالمتتبّع لشأن الصناع وتاريخهم، يدرك أن نسبة 85% منهم تقطن أو تسكن مع قبائل غير قبائلها الأصلية، كما أنك تجد من القبائل الموريتانية ما كانت الهجرة إليه كبيرة، وذلك راجع إلى أن تقديرهم للصنّاع في تلك الفترات كان تقديرا جيدا والعكس صحيح، فقد نجد قبائل لا توجد فيها أسر الصنّاع، وإذا وجدت فتوجد منهم نسبة ضئيلة أو أسرة واحدة، والأمر راجع حسب رأينا إلى طبيعة المعاملة التي يتحلّى بها الصنّاع من قبيلة لأخرى.
أما ما يتعلق بتركهم لهذه المهمة، والتي لعنتهم اجتماعيا، فتركهم لها لا يعني بالضرورة انتقالهم من وضعية اجتماعية إلى أخرى وبشكل سريع، فالطابع الإجتماعي لا يغيّره إلا المستوى الفكري للشعوب والمجتمعات، والتطور الثقافي والمستوى المعيشي والتاريخ الطويل.
ناهيك عن أن هذه المهمة الممارسة من طرفهم، كانت ومازالت مدرّة للدخل، كما أنها أصبحت جزء من حياتهم اليومية الروتينية، ومتوارثة لديهم، وبالتالي يكون التخلّص منها مسألة صعبة.

لكنه من الملاحظ أنها بدأت تتلاشى في صفوف الشباب المتعلم، بدأوا يمتنعون عن ممارستها لما تحمله من مذمة لدى أوساط المجتمع.

mederdratoday@gmail.com
Tel 2240979

هناك 8 تعليقات:

الفقير إلى ربه يقول...

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

يا ولد بومبير، يبدو أن المبرد يحتاج إلى التطراك، للأسف هي مسوفة، وهو تحريف لمشظوف، وليست مسومة كما كتبتها أنت، فهذا خطأ لم ولن يقبله أهل التاريخ أبدا.

وشكرا

غير معرف يقول...

بحث جيد ينقصه التوثيق

غير معرف يقول...

يا ايها الاخ الكاتب، هذه الأمور لا يقدر أن يغيرها إلا الضحايا أنفسهم... و ما المرء إلا حيث يجعل نفسه... الكتابات و التباكي علي وضعية اجتماعية مفقودة أمور لا فائدة فيها.

Ould Sanga يقول...

Il parait que chaque groupe social est en train de façonner son propre Biram pour arracher ses droits perdus . we lemaalmin homa ali yach ,

غير معرف يقول...

MANAK WAHEL EV CHI

غير معرف يقول...

لماذا لايوجد تجمع أو كيان خاص بالصناع التقليدين أنفسهم فكل أسرة منهم تنضوي تحت قبيلة من قبائل الزوايا أو بني حسان، فهذا ما اختاروه لأنفسهم فأهل بمبيرد مثلا تابعون لأهل محمد لحبيب وأهل الولاي لأولاد سيد الفال إلا أن أهل الولاي اختاروا انيفرار وطنا -ولست أدري سبب ذلك -
ناهيك عن الأسر الكثيرة التابعة لأولاد باب احمد

غير معرف يقول...

felicitation mon frere dvall les forgerons de mederdra comme je l ai deja dit ne sont pas comme les autes ils font leur travail d une façon impecable et recitenent tous par coeur le coran et parmi des vetyane comme o welaya
had mine jyrancoume mahou haguer koum(

غير معرف يقول...

شكرا عزيزي محمد فال على وعيك بوضع هذه الشريحة ومسعاك الى تغييره، والواقع انه مما يؤسف له ان أغلب المجتمع البيضاني لا يدرك اثر هذه النزعة الاقصائية على وجوده ومصيره المستقبلي سواء أكان اقصاء شريحة لمعلمين ام شريحة الحراطين، وسنظل جميعا في غينا نعمه حتى يطفح علينا الكيل، ونجد انفسنا جميعا معدومي الوجود ساعتها ولات حين مناص.
إننا جميعا مطالبون بفتح تحاور وتعارف بينناحتى نبقي على وجودنا المشترك وتعايشنا السلمي.
شكرا لموقع المذرذره على اتحاحة الفرصة لكل الاصوات من امثال الكاتب ولد بومبيرد