الأحد، 24 مايو 2009

الإمام "المكزور"

تجمّع رجال حي من أحياء المذرذرة، المنفصلة قليلا عن مركز المدينة علي طريق تكند، صباح عيد الأضحى المبارك من السنة المنصرمة، لتأدية صلاة العيد في مكان وسط بين منازل الحي كعادتهم في كل عيد.
بعد فترة من توافد القوم إلى المكان المخصص للصلاة، وقف أحد المهتمين ب"الشأن العام"، وأخذ يتفقد الرجال واحدا واحدا...
"فلان ج ؟...
فلان ماج ؟ ...
ثم نادى مناد من أقصى اليسار من الصفوف..
إنتوم صلّوا... ماتل حد جاي ... ماباقي حد
عندها وقف أحد أعيان الحي وأعيان المقاطعة، كان يتوسط الصف الأول، وأمسك بيمين رجل من عامة الناس – لاهو من أبناء المحاظر ولا المعاهد الإسلامية، ولم يؤم الناس- قط - في صلاة عيد – وسحبه إلى الأمام، وقال له..
صلّي ... صلّي بينا..
فإهتزالعامّي من شدة المفاجأة، وأخذ يقول..
آنا ما إنكد إنصلّي... إصلّي إفلان واللّ إفلان..
لكن الوجيه أصرّعلى موقفه، وإنهالت الأوامر على الضحية من كل جانب..
صلّي…صلّي .. أسمع لفلان..
فلم يجد الإمام "المكزور" بدا من أن يتقدم مكرها... أمام المصلّين، ويأمرهم بتسوية الصفوف، ثم أحرم للصلاة وإشتغل بالتفكير في موضوع يصلح أن يكون مادة لخطبة العيد، يستطيع التحدّث فيه، و يلبّي حاجات القوم، ويراعي الإعتبارات الإجتماعية المحلية…
وفي جلسة السلام إستقر عزم الإمام على أن يكون موضوع الخطبة هو .. نعم يغفل عنها كثير من الناس.

زال كثير من حرج الإمام وإرتباكه حين وجد ضالته، فوقف بعد أن سلّم من الصلاة، وحمد الله وأثنى عليه بماهو أهل له...
ثم ذكّر بالنّعم الكثيرة التي أنعم الله علينا بها، والتي قد يألفها الإنسان بدوامها عليه، فيغفل عن أهميتها، حتى إذا فقدها، أدرك مالها من قيمة..

بدأ الإمام يعدد النعم التي أنعم الله بها على أهل المذرذرة، الواحدة تلوالأخرى..

1- نعمة الإسلام .. وكفي بها نعمة، فبها يسعد الإنسان في الدنيا والآخرة، وقد أنعم الله بها علينا من غير حول منا ولاقوة، حيث خلقنا مسلمين بالفطرة والأبوين والبيئة...
2- نعمة الماء العذ ب .. إذ تتوفر المدينة على خزان للماء بسعة ممتازة، يمد أنابيبه إلى أغلب البيوت...
3- نعمة الأمن .. فالبيوت مفتوحة، سواء كانت دورا أوخيما أو أعرشة... والحوانيت في السوق أغلبها متهالك الأبواب، وليس لها حرّاس يحرسونها، والحيوانات تسرح في الصباح وترجع في المساء - وفي بعض الأحيان لايكون لها راع يرعاها، أما باقي الجرائم فلا نعرف منها سوي نهب أموال الدولة، لكنه مصنف محليا في خانة "التفكريش" لا في خانة "خفة اليد"..
4- نعمة التفسح في المنازل .. فأغلب القطع الأرضية في وسط المدينة لاتقل مساحتها عن (4000مْ)=20×20.
أما في الأحياء المستقلة عن المدينة فإن الناس" يكزرون" مايشاؤون ويتركون فراغات بين البيوت لتوسعة" المرحان"..
5 - نعمة التآلف والتحاب .. فالسكان متعايشون بسلام، ويحترم بعضم البعض ويتزاورون ويواسي بعضهم بعضا .. ومن النادر جدا أن يحدث خلاف بين طرفين فيصل إلى "فعل اليد"، والدليل على ذلك أن مقر المحكمة الشرعية خال في أغلب الأحيان من المراجعين، بل إن هذه المنطقة تتبع لقاضي الركيز منذ أكثر من سنة.
6- نعمة الأشجار .. حيث يغطي شجر"الطلح وتيشط وأيروار" مساحات كبيرة داخل المدينة والمناطق المحيطة بها، ولا يخفى مالهذه الأشجار من دور في تثبيت الرمال التي تهدد المنطقة بالإضافة إلى الدور الأهم – في نظر منمي الكسب الأبيض – وهو أن هذه الأشجار تساعد كثيرا في تربية الإبل والماعز.
7- نعمة القرب من العاصمة .. رغم إرتفاع سعر النقل، ورغم صعوبة الطريق "المَحاريً الطيني" فإن المعاناة لاتدوم أكثرمن ساعتين، الأمر الذي يغارمنه أهل "فصالة" . .

محمد فاضل ولد الحسن

mederdratoday@gmail.com

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

طريف وهادف

غير معرف يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
حد من لخيام يقول...

لقد قرأت المقال، يغير ظاهر ل عن ملاه ماكال ذاك ال فخلاك، نحن فاصلين فالنقد الواضح وبلغة جديدة، يغير الطبع أملك