الفنانة كمبان بنت إعلي وركان
في مقابلة مع الفجر (1)
من هي الفنانة كمبان بنت اعلي وركان؟
كمبان: الفنانة كمبان بنت محمد ولد اعلي وركان كغيرها من الفنانات الموريتانيات اللاتي قدمن أنفسهن للجماهير وأصبحن معروفات على الساحة الفنية، فكثير من الجمهور لا يطرح هذا السؤال لأنني أصبحت معروفة في الساحة الفنية، وقد تقدمت بي السن والحمد لله، لكن لابأس بالتعريف بي، فقد يستلزم الأمر ذلك بالنسبة لكثير من غير المهتمين بالساحة الفنية الوطنية، فأنا أنتمي من جهة الخؤولة لأسرة فنية عريقة انشغلت بالفن عقودا من الزمن، وهي أسرة أهل الميداح الضاربة جذورها في أديم الفن الموريتاني، وكذلك في مصاف الأسر الفنية المحافظة، فوالدتي تنتمي لأسرة آل الميداح، لكنها لم تمتهن الفن في يوم من الأيام، أما والدي فهو محمد ولد اعل وركان، وهو فنان معروف لدى الجمهور، ويصدق أن يطلق عليه أبو المسرح الموريتاني بامتياز، رجل كوميدي انشغل بفن التمثيل، وكانت له إنجازات عظيمة و مساهمات كبيرة في سبيل التقدم والرقي بهذا الفن الممتع، فانشغل الوالد عليه رحمة الله بفن الكوميديا والمسرح، واتجهت أنا إلى فن "الأغنية الملتزمة"، وكان للفنانة ممان بنت الببان السبق في إرشادي لهذا الطريق، وفي تعليمي "الحروف الهجائية" للموسيقى إن صح التعبير، وكذلك علمتني -مشكورة- العزف على آلة "الآردين"، وتدربت على ذلك فترة من الزمن أهلتني لمعرفة أبجديات الفن، وطبعا تطور مستواي في هذا الصدد شيئا فشيئا، أما الصوت الشجي، فهو خارج إرادتي بل وخارج إرادة العباد جميعا، فهو إرادة الله وعطاءه الذي منَّ به على بعض الناس دون بعض، وبذلك فهو ملَكة ربانية أحمد الله عليها.
هل سبق وأن شاركت في ملتقيات دولية كسفيرة للأغنية الموريتانية الملتزمة ؟
كمبان: نعم شاركت في عدة مؤتمرات دولية إلى جانب بعض الفنانين الموريتانيين، منها -على سبيل المثال- مهرجان الأغنية العربية بأغادير(المملكة المغربية) سنة 1986 ، ومهرجان بالجزائر، وكذلك عدة مهرجانات في تونس، وقد كنت والحمد لله خلال كل المهرجانات المذكورة أمثّل بلدي بكل ما تحمله الكلمة من معنى وما تتحمله من مبنى، وكان من نتيجة هذه المشاركات أن تألق الفن الموريتاني وانضاف لجمهور الأغنية "البيظانية" الكثير من المتذوقين في جميع الأصقاع العربية.
عرفت المرأة الموريتانية قديما أدبا خاصا بالنساء يعرف ب"التبراع" فهلا تحدثينا قليلا عن هذا الأدب، وعن دور المرأة الموريتانية في المشهد الشعري بشقيه الفصيح والشعبي؟
كمبان: المرأة الموريتانية عرفت بإبداعاتها المتميزة في كل الآداب والفنون، فكانت متألقة في سماء الأدب الشعبي، وقد سمعنا الكثير من المشاركات الأدبية للنساء الموريتانيات، وإلى جانب تلك المشاركات التي زاحمت فيها المرأة العنصر الرجالي، استطاعت أن تبدع لونا جديدا من ألوان الأدب تعبر فيه -بطريقة منسابة بريئة ومغير متكلفة- عن مشاعرها وعن ما يدور بخلدها من أحاسيس تجاه المحبوب، فكان أن أنتجت ما يسمي فن "التبراع"، وتوجد فيه بالمناسبة القيمة الفنية والأدبية التي توجد في غيره من الأصناف الأدبية الأخرى،
فالمرأة عندما تقول : "ؤلا في حفرَ .... منْ حبُّ ترفدْ مَ لَـخْرَ"، والتي تصور فيها نفسها كأديم أرض ذات حُفر ملئت جميعها بحب الحبيب حتى لا تستطيع إفراغ واحدة منها كي تعطي مكانا للأخرى، وهي بهذا تلخص ما بداخلها من شعور في هذه الكلمات المعدودة، والتي إن أراد شاعر التعبير عنها ستلزمه قصيدة طويلة ولن يقدر أن يأتي بالمعنى كما فعلت المرأة في هذا التلخيص، وهناك -مثلا- أخرى تودّع حبيبها بالسلام هو ومن يرافقه، فتختصر هذا الفراق بكلمات تحمل معان لا يستطيع شاعر تلخيصها إلا بملحمة كبرى، فنرجع مثلا للنابغة الذبياني حين يقول:
ودّع هريرة إن الركب مرتحل......وهل تطيق وداعا أيها الرجل
ونرجع إليها وهي تقول:
"سبلَ السلامْ.. للِِّ سوحلْ كامل ذ العامْ"،
ففي هذه الكلمات القليلة ما يكفي للتعبير عن ما يجول في خافقها، وشتان بين تعبيرها والتعبير الشعري النمطي الذي أوردناه في المثال السابق.
وهناك أخري تتذكر ليالي جلست مع محبوبها على حين غفلة من الرقيب الإجتماعي، فتلخّص ذكرياتها مع المحبوب الذي لا تستطيع البوح باسمه:
"اتفكدْ يلْمجْحودْ .. ليالي فيه كنّ اكْعودْ".
هكذا إذا كانت المرأة تتميز بهذا النوع من الأدب "التبراع"، وهو يختلف عن الأدب الآخر بصدق العاطفة والمشاعر، فالمرأة مشاعرها خلافا لبعض الرجال الذين يتصنّعون المشاعر ويزوّرون الشعر.
أيضا في عصرنا الحديث ظهرت عدة شواعر على الساحة الأدبية، نذكر منهن على سبيل المثال لا الحصر الشاعرة باتّه بنت البراء، والشاعرة ليلى بنت شغالي، التي شاركت في مسابقة "أمير الشعراء"، واللتين أضافتا الكثير للمشهد الشعري العربي في موريتانيا.
mederdratoday@gmail.com