العوامل المؤثرة في سلوك الناخب إذا حاولنا أن نتجاوز الإنقلابات العسكرية إلى السلوك الإنتخابي الديمقراطي، فإننا سنجد عوامل متعددة ظلت مؤثرة على السلوك الإنتخابي الموريتاني، وهي عوامل إجتماعية ونفسية ومادية بدرجة أولى.
ويعتبر السلوك الإنتخابي شكلا من أشكال المشاركة الديمقراطية، إلا أنه كسلوك ديمقراطي موريتاني مازال إلى وقتنا هذا، أسير مجموعة من العوامل من أهمها العامل الإجتماعي.
ودراسة السلوك الإنتخابي من المنظور الإجتماعي نعني بها دعم الأحزاب السياسية والتصويت لها، من خلال الروابط الإجتماعية، والمهنية والإنتماء السلالي والعرقي.
ويرى الإتجاه البنائي السوسيولوجي، أن السلوك الإنتخابي يفسر من خلال العلاقة بين البناء الفردي و البناء الإجتماعي، نظرا لتأثير بعض التغيرات على التصويت، كالطبقة الإجتماعية، والقومية، و الفروق الريفية و الحضرية والقبلية.
أما الإتجاه الإيكولوجي الإحصائي فيرجع السلوك الإنتخابي إلى السمات الأساسية للمنطقة الجغرافية، كالمدينة أو الحي أو القرية أو الريف، بالإضافة إلى الإتجاه النفسي الإجتماعي، الذي يربط السلوك الإنتخابي بالميول والعوامل النفسية للناخب، كالإنتماء الحزبي و الإيديولوجي.
أما الاتجاه الرابع فيرى أن السلوك الإنتخابي يخضع لعوامل إقتصادية نفعية آنية أو مستقبلية.
إن حاجة الإنسان إلى المجتمع أمر طبيعي و ضروري "فكل واحد من الناس مفطور على أنه محتاج في قوامه إلى أشياء كثيرة .." كما قال الفارابي، إلا أن ما يحدث في المجتمع الموريتاني من إستغلال للإنتماء الإجتماعي لتحقيق أغراض سياسية أو شخصية، يعتبر ظلما لكيان الدولة و المجتمع ككل، وقد يؤدي إلى تحويل نظام الحكم الديمقراطي إلى نظام دكتاتوري أو جماعي، خصوصا عندما يصل عدد المرشحين إلى عشرة أشخاص، فإذا كان المعيار الإجتماعي هو الأساس في أي سلوك ديمقراطي، فإن المرشح الذي ينتمي إلى طبقة اجتماعية أكبر، ستكون حظوظه أكثر، بغض النظر عن الكفاءة و البرامج الإنتخابية، تطبيقا لمقولة "أنا و ابن عمي ضد الغريب".
أما الاتجاه الأيكلوجي أو الإحصائي الإجمالي الذي يرى أن السلوك الإنتخابي يخضع للمنطق الجغرافي، فإن معالمه كانت هي الصفة المميزة للتصويت الموريتاني، حيث نجد مناطق و قرى تصوت بنسبة 90 في المائة لمرشح معين، كما وقع في بعض المناطق الشرقية والجنوبية في الرئاسيات الماضية.
ومن ما زاد حدة هذه الظاهرة، ظاهرة شراء الأصوات، التي ميّزت السلوك الإنتخابي الموريتاني، وساعد عليها عاملا الفقر والأمية، وكذلك موت ضمير أغلب السياسيين الموريتانيين.
وبالإضافة إلى السلوكيات التي أشرت إليها، هناك ما يعرف بالسلوك الإنتخابي الخاضع لنفسية الناخب، كالتردد في إتخاذ قرار الإنتخاب، وهذا السلوك الإنتخابي يفسره علماء النفس بضعف قناعة الناخب بجميع المرشحين، لذلك كان لابد من ورقة حيادية، قد يعتبرها البعض أحسن من الخيارات الموجودة.
إن الإرادة السياسية الموريتانية ظلت في ترد و تقهقر متزايدين، بسبب العوامل الإجتماعية و النفسية و المادية، التي تتحكم في السلوك الإنتخابي، وأتمنى أن يصل الشعب الموريتاني إلى درجة من الوعي السياسي، يستطيع من خلالها بناء دولة ديمقراطية، خالية من الفساد و الزبونية، قابلة للمحاسبة من طرف المواطنين، ولا يسعني هنا إلا أن أنوّه بالدور الرائد و الفعال، الذي تقوم به جمعية الدفاع عن الديمقراطية(جدد).
كان الله في عون الناخب وفي عون جمعية الدفاع عن الديمقراطية وفي عون الوطن.
أحمدو بمب ولد محمدو
mederdratoday@gmail.com