في مقابلة خاصة (5)
اليسار الإسلامي
..
أطيح بولد هيداله في 84 .. وفي 94 عصف ولد الطايع بالإسلاميين في موريتانيا .. كيف تقيّم تلك العشرية ؟
ولد اكاه: قناعتي أن تلك الفترة لم تستغل إسلاميا بالشكل الكافي، فقد كانت فترة تمدّد وانتشار للخطاب والصحوة الإسلامية، مكّنته من الدخول إلى مجالات ودوائر كبيرة في حياة المجتمع ومؤسساته وأطره، وقد كان للدور الكبير الذي أدّته الجمعية الثقافية الإسلامية بالغ الأثر في هذا المجال .. بمخيّماتها وفروعها الكثيرة ومحاضراتها ورحلاتها الدعوية إلى غير ذلك.
غير أن هذه الساحة الكبيرة من الجماهير الإسلامية كانت تفتقر إلى القدر الكافي من القيادة الواعية التي تستوعب كل الطاقات وتوظّفها حسب التخصّص والموهبة والظرف والإمكان، فقد كانت الساحة أكبر من قياداتها، وكانت التجربة السياسية التي بدأت مع النصف الثاني من الثمانينات أحد تلك الاختبارات التي واجهت التيار الإسلامي في موريتانيا.
وأنا أعتقد أن التيارات السياسية تتأسّس في تجربتها السياسية دائما على ثلاثة محاور رئيسية، تمنحها قوة البدايات وهي
1- إما أن تكون امتدادا لتجربة سياسية سابقة في البلد، ولا يصدق هذا على التجربة السياسية للإسلاميين في موريتانيا .. صحيح أنها في المجال الفكري والثقافي امتداد لمصلحين كثر في هذا البلد، لكن الأمر غير منطبق تماما على ما أعتقد في الجانب السياسي.
2 - هناك جانب آخر مهم جدا لكل حركة سياسية وهو وجود شخصية كبيرة ذات وزن مرموق، تكون مقبولة لدى الجماهير وتلتف حولها، وهو أيضا ما عانى الإسلاميون من غيابه في الجانب السياسي.
3- العنصر الثالث هو الاستناد إلى دولة من دول الجوار ليمنح ذلك التجربة السياسية مستوى من الرعاية، وهو لله الحمد ما كان غائبا عن التجربة السياسية للإسلاميين في موريتانيا.
وهنالك عنصر يتعلق ببنية الخطاب السياسي ذاته، فالخطاب السياسي يعتمد في الغالب على مجموعة مبادئ كبرى، وأعتقد أن كثيرا من الإسلاميين تعاملوا مع التجربة السياسية للإخوان المسلمين في مصر باعتبارها نموذجا قابلا للقياس، كما أن ضخامة التصور العام للإسلاميين في تلك الفترة لمسؤوليات الحاكم جعلهم لايرضون عن أداء سياسي لأي حاكم، خصوصا حكّام زماننا.
وأنا أعتقد أن الإخوان المسلمين في مصر كانوا سباّقين إلى نقد تجربتهم السياسية، ومراجعة الكثير من متعلّقات الخطاب السياسي والفكري لديهم، وهو أمر جيد جدا، وقد أسهم لاحقا في تطوير الخطاب السياسي للإسلاميين جميعا.
هل تعتقد أن ظهور ما يسمى باليسار الإسلامي كان له دور في هذا الصدد ؟
ولد اكاه: اليسار الإسلامي ظهر مع مصري دارس في فرنسا لأكثر من 15 سنة، هو الدكتور حسن حنفي، ويعتقد أن أصول الفقه لم تحظ بأي تجديد منذ أن مهد لها الإمام الشافعي حتى جاء هو ووضع أسس تجديدها في مقال كتبه باللغة الفرنسية، وقد كان يصدر مجلة 15/21 أي القرن الخامس عشر الهجري والواحد العشرين الميلادي.
وأذكر أن الذين تأثروا بأفكاره حينئذ ثلاثة أشخاص لا أكثر، اثنان منهما غادرا مبكرين العمل الإسلامي ولم تعد لهما أي علاقة له، والثالث سرعان ما تراجع بقوة عن تلك الأفكار، وهو الآن شخصية أساسية في العمل الإسلامي، ويقود بتمكّن وجدارة جانبا مهما من جوانب العمل الإسلامي، وفقه الله وزاده تسديدا ورفعة، وللأمانة فهذا الثالث وكان حينها شابا فتيّا، كان أكثر الثلاثة دقة وعمقا وجديّة في طرحه آنذاك .. وأنا حقيقة لا أفهم معنى ’’اليسار الإسلامي’’، فجملة الأفكار التي يقدمها دعاة هذه الفكرة لا تختلف في الغالب عما يدعو إليه اليسار العالمي بمدارسه المعروفة..
لكن بالنظر إلى التطور الفكري الذي يعيشه الناس اليوم، فأنا أعتقد أن مراجعات الخطاب لدى الإسلاميين بشكل عام، ولدى المصريين بشكل أخص، فتحت الباب واسعا أمام تطوير الخطاب السياسي، وهو ما استفادت منه التجربة السياسية للإسلاميين.
وأعود إلى بعض العوامل السلبية التي رافقت الإسلاميين في تلك الفترة، وهي عدم التمايز، فقد كان التيار ساحة ضخمة تضم كل شيء، متصوفة وعلماء تقليديين وطلابا وأساتذة وسلفيين متشددين وإخوانا وغير ذلك والكل يصرّح ويتحدّث باسم التيار الإسلامي.
والتمايز الفكري ضرورة طبيعية .. صحيح أنه قد يكون صعبا، والله تعالى يقول ’’لو تزيّلوا لعذّبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما’’ فيحتاج الخطاب الإسلامي دائما إلى أن يحدّد وسائله وأدواته وخطابه ومواقفه بشكل مفصّل يسمح للناس برؤيتها والاطلاع عليها واضحة لا يخالطها لبس.
وأعتقد أنني كنت في تلك الفترة كتبت ورقة، قلت فيها إن التيار الإسلامي يعاني من تضخّم الشعار على حساب الدثار، وأن أزمتنا أزمة قيادة.
وأعتقد أن تلك الظرفية دفعت الساحة الإسلامية إلى اختيار أطر سياسية لم تكن جاهزة لها، ولا قادرة لها على إداراتها بالقدر الكافي، فجاءت تجربة الجبهة الإسلامية التي دفع بعض الأئمة والعلماء إليها العمل الإسلامي، ثم تجربة حزب الأمة كذلك، وقد كانت القيادات السياسية المختارة لذلك الإطار الحزبي شخصيات لا تهتم كثيرا بالشغل السياسي .. دراسة وتنظيرا وممارسة، أو لعلها تعتقد أنها أولته القدر الكافي، ولذا فإن انتقال إمام وداعية وشيخ محظرة مباشرة إلى إدارة حزب سياسي هو أمر كان يحتاج إلى كثير من الرويّة.
واستدعت إكراهات هذا الظرف مستوى كبيرا من الاستقطاب الجهوي، كانت له تأثيرات سلبية .. على ما أذكر قلت مرة إن التيار هو مجموعة من الأساتذة والمعلمين من أهل الجنوب.
ولكنني أعتقد أن الاختبار الأبرز الذي عاشه الإسلاميون كان مع بدايات ما يعرف بالمسلسل الديمقراطي، حينما سعى الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع إلى استيعابهم داخل الحزب الجمهوري، وقد التقى قياديون إسلاميون مبعوثين من الرئيس معاوية ولد الطايع، كما التقوا حسب ما سمعت وزير الداخلية آنذاك، واتّخذ القادة الإسلاميون قرارا بدخول الحزب الجمهوري، لكن مفاجأتهم ومفاجأة النظام، أن القاعدة العريضة من الشباب الإسلامي رفضوا الالتزام بهذا القرار لاعتبارات منها السياسي والإيديولوجي.
كما أن العناصر التي التحقت بالحزب الجمهوري كما يظهر لم تكن محل رضا من ولد الطايع الذي كان ينتظر منها أن تجر خلفها حركة وجمهورا عريضا، ولذلك أرهقهم في سياسة الحزب الجمهوري .. ثم حاول الإجهاز على الإسلاميين سنة 1994 وتعطيل كل المؤسسات العاملة في البلد.
ولعل الأمر كان منحة في طي المحنة، فقد صلب عود العمل الإسلامي، وتمايز الناس، واستقّل خطاب الوسطية والاعتدال بخطابه ومواقفه وشخصيته وشخصياته.
السراج + المذرذرة اليوم
mederdratoday@gmail.com
Tel 2240979
هناك 5 تعليقات:
هيَّ بَعْدْ ذ ارْوَايَ الَّ تعْكَبْ توْفَ...الرجاء أولا التعريف بهذا الزعيم الذي يَمْلاَالدنيا و يشغل الناس.
هذا راجل من اهل المذرذرة من قرية الملزم .. أستاذ جامعي ..
حك انك غير معروف ..يا غير معروف أما محمد الحافظ فمعروف ووطيات فالمعروف أكوف هذا ول الهلال الألفغي ال كان فيه الشاعر
ليهنأك يا أم الوليد وليدكم ..كما قد هنا أم الهلال هلالها
هلال مسرات ويمن تباشرت به
تيرس وازور عنها اهولالها
هذا يبوي الشاعر ال كان اكول عن بداه ولد البصيري إن المتنبي.
هذا العالم الحافظ الورع التقي
dites nous est ce de la mm famille que Bah o Gah et Me Ahmed Salem o Gah?
يا أهل المذرذرة أين خبر نشرتموه عن طفل قتل شقيقه في قرية التوفيق؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!
إرسال تعليق