الاثنين، 30 نوفمبر 2009

البانون ولد أمينو
كنا أهل شوكة نثأر لأنفسنا
والآن ننتظر القصاص من الدولة

أفاد مراسل المذرذرة اليوم في المبروك، والذي حضر الإجتماع، أن حاكم المذرذرة، أنهى قبل لحظات إجتماعا في قرية المبروك ببلدية الخط، مع المجموعة المستهدفة، بلّغهم فيه رسالة عبر والي الترارزة، من رئيس الجمهورية، تدعو إلى الإلتزام بالهدوء والسلم، وتؤكد أن العدالة ستأخذ مجراها..

وأشار الحاكم إلى أن سيارة ولد فال، وصلت المذرذرة، وأنها الآن بحوزة فرقة الدرك، وأنه وجد بداخلها رشاشان، أحدهما من نوع "كلاشينكوف"، والآخر من نوع "36"، بالإضافة لحوالي 1000 رصاصة، و "بيدونين من كازوال" و "بيدونين من بطرن" وملابس ولد فال التي إستبدل.

وتحدّث نائب المذرذرة السابق البانون ولد أمينو قائلا، إن مجموعته أهل شوكة، كانوا يثأرون لأنفسهم بأنفسهم، وأنهم اليوم تحت مظلة القانون، وينتظرون من الدولة أن تقتصّ لهم.

وقال إن الشجار حدث قبل حوالي ستة أشهر، أي يوم 28-05-09 وأنه لم يتصور أن يتطور إلى ما تطور إليه، وأن يحدث ما حدث بهذا الشكل.

mederdratoday@gmail.com

الجمعة، 27 نوفمبر 2009

عيد دامي في المذرذرة
مسلّح متجول وضحايا في إزدياد
إعتقال المسلّح أحمد ولد فال
أنباء عن نقل ولد فال، للتحقيق معه في المذرذرة

نقل مراسل المذرذرة اليوم الموجود حاليا في عين المكان، نبأ إطلاق المدعو أحمد ولد فال النار على شخصين في قرية بونعامة التابعة لبلدية التاكلالت، هما السيد بوبكر ولد إمبارك، والسيد القاضي ولد الشريف، حيث توفي الأخير بعد نقلهما للمستشفى، بينما لايزال الأول في حالة حرجة، لينتقل ولد فال الذي يحمل رشاش أوتوماتيكي من نوع "كلاشينكوف" ويستقل سيارة دفع رباعي من نوع "تويوتا هيليكس" إلى قرية "إندابسات" التابعة لبلدية الخط، ويطلق النار على السيد دبيته ولد إبيهيم، الذي كان منهمكا في ذبح أضحيته، فيرديه قتيلا، وإنتقل بعد ذلك إلى قرية المبروك التابعة أيضا لبلدية الخط، بحثا عن شخصين آخرين يستهدفهما -ضمن لائحة مستهدفة قيل إنها تشمل سبعة أشخاص- لاكن الشخصان لم يكونا متواجدين في منازلهما لحظة وصوله، فقام بصب "كازوال" على مساكنهم وأوقد فيها النار، ليختفي بعد ذلك .. في جو من الصدمة والذهول ..
ونقل مراسل آخر للمذرذرة اليوم متواجد حاليا في مدينة المذرذرة قرب المقر الإداري، إن تعزيزات عسكرية وصلت إلى المذرذرة وإتجهت صوب المنطقة التي يتحصن فيها المسلّح، ونقل عن مصادر مطّلعة أن السلطات الأمنية حددت مكان تحصّن ولد فال وأنها تحاول القبض عليه دون خسائر وذلك بإقناعه بالإستسلام.

وأكد مراسل المذرذرة اليوم في بلدية الخط أن المسلح لازال طليقا حتى اللحظة.

أما عن دوافع العملية، فقد أكد مراسل المذرذرة اليوم أنها دوافع شخصية خلفيتها نزاع تجاري إنتهى قبل أشهر بعراك بالأيدي دخل بعده ولد فال السجن بعد أن توعد بتصفية خصومه لحظة خروجه من السجن.

وصرّح أحمد ولد محمد ولد فال في حديث هاتفي مع "الأخبار" من مكان مجهول بولاية "الترارزه: "لقد تعرّضت للظلم خلال الشهور الماضية، وسعيت بكل الوسائل والطرق للحصول على مساندة قانونية أو سياسية، لوضع حد للظلم الذي أعيشه ..

لقد طرقت أبواب النيابة، وأبلغت حجتي للرئيس عبر الصحف المحلية، وقد حاولت لقاء الرئيس أمس الخميس بولاية "الترارزة" لعرض المشكلة القائمة منذ أسابيع عليه شخصيا، ولكن تدخل بعض الضباط والمدعي العام ورجال الأعمال النافذين حال دون الحصول على حقي بعد أن تعرّضت لعدة محاولات إغتيال، وتعرّضت للضرب الشديد من قبل خصومي المحليين، بمساعدة بعض النافذين في أجهزة الدولة.

ولد فال، وفي حديثه الهاتفي مع "الأخبار" قال إنه مقر بإرتكابه للجريمة، وغير نادم على ذلك، وأنه الآن في مكان ما من ولاية "الترارزة" الفسيحة .. وفق تعبيره، رافضا المزيد من الكلام.

وتتقدم المذرذرة اليوم بتعازيها إلى ذوي الضحايا، وتسأل الله لهم المغفرة والجنة.

كما تنتهز الفرصة لتنبيه السلطات الأمنية على الفراغ الأمني الذي تعاني منه أطراف مقاطعة المذرذرة، التي أصبحث تعرف كثافة سكانية لم يتطور معها مستوى التغطية الأمنية بشكل متناسب، والذي ظل يعمل بنفس الأسلوب والتوزيع الذي كان سائدا منذ عقود، حيث ينحصر وجود السلطات الأمنية في مدينة المذرذرة عاصمة المقاطعة، ومدينة تكند الواقعة على طريق نواكشوط - روصو، في حين تخلو البلديتان اللتان كانتا مسرحا للعملية، أي بلدية التاكلالت، وبلدية الخط من أي حضور للسلطات الأمنية.
.............................
أفادت مصادر إعلامية، أن نائب المذرذرة السابق، السيد البانون ولد أمينو، ضمن اللائحة المستهدفة من طرف ولد فال.
............................
يوجد والي الترارزة -الذي تغيّب عن إحتفال رفع العلم في عاصمة الولاية روصو بمناسبة عيد الإستقلال التاسع والأربعين- يوجد الأن في المذرذرة رفقة وكيل الجمهورية، وفريق أمني، سعيا وراء إعتقال المسلّح أحمد ولد فال.
...........................
لا يزال المسلّح أحمد ولد فال طليقا حتى هذه اللحظات ( الواحدة ظهرا من يوم السبت 28-11-09).
..........................
تحاول قوات الدرك والحرس محاصرة المنطقة التي من المتوقع أن ولد فال يتواجد فيها، وتجد صعوبة في ذلك لإتساع نطاق المنطقة، حيث رابطت قوة من الحرس من ست سيارات في منطقة "بونعامه" التابعة لبلدية التاكلالت، وقوة أخرى من الحرس من ست سيارات في منطقة "النعيمات" التابعة لبلدية الخط، فيما رابطت قوة من الدرك من ست سيارات في منطقة "تمبلّيت" التابعة لبلدية الخط، وقوة أخرى من الدرك من ست سيارات في منطقة "إندابسات" التابعة أيضا لبلدية الخط، مما يشير إلى أن السلطات الأمنية ترجّح تواجد المسلح في بلدية الخط.
.......................
علمت المذرذرة اليوم من مصادر خاصة بتوجه فريق من الإذاعة والتلفزيون الوطنيين إلى مسرح الأحداث، مما قد يشير إلى أن السلطات تنوي تغطية العمليات مما سيعطي زخما إعلاميا للعملية.
.......................
أكد مراسل المذرذرة اليوم في بلدية الخط، نبأ إعتقال عم المسلّح أحمد ولد محمدن ولد فال، والمدعو أحمد ولد فال قبل لحظات، من طرف قوة أمنية في قرية الغرس، التابعة لبلدية الخط.
......................
أفاد مراسل المذرذرة اليوم في بلدية المذرذرة، أن قوة أمنية بدأت حملة تفتيش مكثفة بطريقة بيت بيت، في منطقة المذرذرة، بدءا من المحرد شمالا في إتجاه بقية مدينة المذرذرة جنوبا، وأن عملية المسح، وصلت في هذه اللحظات أي حدود الثانية ظهرا من ظهر السبت 28-11-09 وصلت منطقة الثانوية في "الكود" مما قد يعني حصول السلطات الأمنية على معلومات جديدة، تفيد بوجود المسلّح ولد فال في مدينة المذرذرة، وهو ما سيعني إن صح، فشلا معلوماتيا وعملياتيا ذريعا للسلطات الأمنية، التي تحاصر بلدية الخط منذ أمس، بحثا عن المسلّح.
......................
وصول سبع سيارات، تقل والي ولاية الترارزة، وحاكم مقاطعة المذرذرة، ووكيل الجمهورية، وقيادات وعناصر أمنية هذه اللحظات، الثانية ظهرا، يوم السبت، إلى قرية المبروك التابعة لبلدية الخط، والتي يوجد بها منزل نائب المقاطعة السابق، البانون ولد أمينو (والموجود حاليا خارج المقاطعة، في العاصمة نواكشوط)، وإستقبل الوفد من طرف عدد من أعيان المنطقة من بينهم السيد البانون ولد أحمد للباه.
...........................
أفاد مراسل المذرذرة اليوم في المذرذرة بإعتقال ثلاث نساء من أقارب المسلّح ولد فال، ووجودهن مع عم المسّلح المعتقل في مقر الدرك في مدينة المذرذرة.
.................................
طلبت السلطات الأمنية من شركات الإتصال المساعدة في إعتقال المسلح بمحاولة تحديد موقعه من خلال هاتفه المحمول.
................................
وسّعت السلطات الأمنية دائرة البحث، لتشمل مقاطعتي المذرذرة والركيز.
................................
وصول موكب الوالي والحاكم ووكيل الجمهورية إلى "تمبلّيت" التابعة لبلدية الخط بمقاطعة المذرذرة، وإعتقال والدة ولد فال، وأخيه، وإرسالهما إلى مقر الدرك في مدينة المذرذرة.
................................
إلى هذه اللحظة .. حوالي الرابعة مساءا من يوم السبت - اليوم الثاني للعمليات- لم يتم القبض بعد على المسلّح أحمد ولد محمدن ولد فال.
................................
الحديث عن وصول تعزيزات عسكرية من مقاطعة الركيز المجاورة للمذرذرة.
................................
أفادت مصادر المذرذرة اليوم الخاصة بالعثور على سيارة المسلّح ولد فال عند الكلمتر 7 على طريق روصو، وبداخلها ملابسه التي يبدو أنه غيّرها، وكذلك سلاحه، وعدد من "جركانات كازوال"، مما يدل على أنه توجه صوب رصو سعيا وراء عبور النهر والخروج من البلد.
...............................
أفادت مصادر المذرذرة اليوم بأن السلطات الأمنية ألقت القبض قبل دقائق على المسلّح أحمد ولد محمدن في بوحديدة بمقاطعة توجنين بالعاصمة نواكشوط،، وبذلك يكون الفصل الأول من القصة قد إنتهى، ليبدأ الفصل الثاني ببداية التحقيق في القضية، ومن المرجح أن سبب إعتقاله هو إستخدامه للهاتف، حيث إتصل على موقع الأخبار، ليدلي بتصريح حول نيته تسجيل شريط يتناول القضية ككل بإعتبارها قضية سياسية قضائية، وليؤكد أن السيارة التي عثر عليها هي سيارته فعلا .. وكان يتحدث وبجانبه صوت تلفزيون، وقد تم إعتقال ولد فال من طرف الشرطة التي سلّمته فورا للدرك الوطني.

mederdratoday@gmail.com

الجمعة، 20 نوفمبر 2009

الدكتور محمد المختار ولد إبّاه
ضمن الخمسمائة الأكثر تأثيرا

أصدر فريق من الباحثين بجامعة جورج تاون الأمريكية، دراسة حول الخمسمائة شخصية الأكثر تأثيرا ونفوذا في العالم الإسلامي.

وشملت اللائحة الكتور محمد المختار ولد إبّاه، الذي عرّفته الدراسة بأنه رئيس جامعة شنقيط العصرية، ومن أبرز الشخصيات الفكرية والأدبية في العالمين العربي والاسلامي.

كما شملت الدراسة الشيخ عبد الله ولد بيّه، والناشطة آمنة بنت المختار.

صحراء ميديا - المذرذرة اليوم

mederdratoday@gmail.com

الثلاثاء، 17 نوفمبر 2009

إعتقال شنّوف ولد مالوكيف
(صور خاصة بالمذرذرة اليوم)

إعتقلت الشرطة الموريتانية أمس الاثنين في نواكشوط، الضابط السابق شنّوف ولد مالوكيف، بناءا على شكوى ضد موقع "الطوارئ" الألكتروني، الذي يديره .
وأفادت مصادر صحفية، أن شنّوف، إعتقل بعد شكوى تقدّم بها مندوب الرقابة البحرية، بسبب مقال نشر في موقع "تقدمي" يتهمه بالمسؤولية عنه.
وكانت النيابة العامة قد إستدعت الضابط السابق شنوف ولد مالوكيف إلى العدالة للتحقيق معه، دون معرفة التهم المطلوب بها، في ظل حديث إعلامي متزايد عن دوره في إدارة موقع الطوارئ
.

وينحدر شنّوف ولد مالو كيف ولد الحسن من مقاطعة المذرذرة، وكان ضابطا فى الجيش الموريتاني، قبل أن تتم إقالته، بعد إعتقاله لفترة قصيرة، بعد إنقلاب السادس أغسطس، وكان من الداعمين للجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، والرئيس سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله، الذى عمل مسؤولا عن أمنه الشخصي، فى الفترة الأخيرة قبل إستقالته الطوعية.

مطبّات في طريق المعارضة

أعادت إنتخابات تجديد ثلث مجلس الشيوخ الأخيرة إلي الأذهان، قضية المعارضة الموريتانية التي تدور في حلقة مفرغة منذ دخولها المعترك السياسي بصفة علنية، ونضالها كمعارضة دستورية.
ولعل فشل المعارضة الموريتانية في هذه المهمة يعود لعدة أسباب منها:

أولا-عدم الإستقرار السياسي، وسيطرة ثقافة الإنقلابات على المشهد الموريتاني، في ظل غياب التبادل السلمي والسلس على السلطة، فمنذ إعلان الديمقراطية 1991 كان الرئيس هو من يرشّح نفسه، ويفوز في الإنتخابات بإستثناء تجربة المجلس الأعلى للدولة، التي قبل فيها ولد محمد فال عدم ترشيح نفسه للإنتخابات، غير أن مقرّبيه من قادة الإنقلاب على ولد الطايع، تبنّوا المرشح سيد ولد الشيخ عبد الله، وقدّموا له الدعم، ليكون أول رئيس يفوز في الإنتخابات من خارج القصر .. حيث إستمر في السلطة، إلى أن أطاحوا به في إنقلاب أبيض، في السادس من أغسطس 2008.
هذه الدوامة من الإنقلابات، والإنقلابات المضادة، وتحكّم الأنظمة في نتائج الإنتخابات، تجعل من الصعوبة بمكان على مجتمع ترعرع في ظل الإدارة الإستعمارية التي تحكم السلطة فيها بيد من حديد، وشبّ في عهد الأنظمة الإستثنائية المتجبّرة، أن يثق في الديمقراطية، وما تفرزه صناديق الإقتراع.

ثانيا –عدم الإهتمام بالإنتخابات البلدية: فمن الأخطاء التي كثيرا ما ترتكبها المعارضة، والتي كانت السبب وراء الخيانة الدائمة لمستشاريها في إنتخابات الشيوخ .. عدم التركيز على الإنتخابات البلدية، حيث تقوم غالبا بترشيح المستشارين والعمد، من "المؤلفة قلوبهم" الجدد على معارضة النظام، في محاولة منها لإغرائهم، وتعزيز مكانتهم بين صفوفها، لكن التجربة أثبتت أن هؤلاء المستشارين غير مقتنعين بشيء، وإنما يتحينون الفرصة لبيع أصواتهم دون تردد أو خجل، ولا تقف مساوئ الطريقة الإرتجالية في إختيار المستشارين عند هذا الحد، بل تتجاوزه إلى إغضاب المناضلين الأصليين، وغالبا ما تتسبب في تجميد عضوياتهم، وإنسحابهم نهائيا من أحزابهم.

ثالثا –سرعة تقبّل هذه المعارضة وترحيبها بكل قادم من الجهة الأخرى، مهما كان ماضيه السياسي والنضالي، وتعيينه في المراكز القيادية في أحزابها، مما يسهّل على السلطة مستقبلا تفكيك هذه الأحزاب، وتقسيمها متى أرادت، حيث أن دافع الوافدين الجدد في أغلب الأحيان إلى المعارضة، هو عدم حصولهم على منافع شخصية، وبالتالي يبقون في المعارضة إلى أن يتلقّون أبسط إشارة لإغرائهم من طرف الأغلبية، وهكذا تحوّلت المعارضة بالنسبة لبعض المسؤولين إلى فترة للتربص، وإنتظار الدور في الموالاة.

وتبدو المعارضة الموريتانية اليوم في أمسّ الحاجة إلى إعادة ترتيب بيتها من الداخل، على أساس الماضي النضالي، والتضحيات الحزبية لمنتسبيها، بدلا من إغراء آخرين تائهين بمناصبها.
وعلى المعارضين كذالك، أن يتمتّعوا بنفس نضالي طويل، فالمطبّات السابقة لن تزول من طريقهم أبدا، ما لم يتم تبادل سلمي على السلطة، وذلك ما لا يلوح في الأفق المنظور.

إمربيه ولد الديد
كاتب صحفي

mederdratoday@gmail.com

الاثنين، 16 نوفمبر 2009

حين سافرت للحج آخر مرة

منذ سنوات ليست بالكثيرة، وفقني الله لإتخاذ القرار بتأدية فريضة الحج مع والدتي، لم أباشر الإجراءات المتبعة للسفر ضمن أفواج الحجاج الموريتانيين، فقد كان هناك من يقوم بالأمر، لذا بدأت رحلتي التي لا تقل إثارة ومتعة وغرابة عن رحلات أبطال مقامات الحريري والهمذاني، فجر يوم ساخن من أيام صيف نواكشوط.
حطتنا السيارة أمام المسجد الكبير بالعاصمة حيث إحتشد سكان نواكشوط عن بكرة أبيهم لتوديع حجاجهم، كان القائمون على ما سأسميه خلال هذه السلسلة من الكتابات "التنظيم المتوحش" على غرار "الفوضى الخلاقة"، قد طلبوا من الناس الحضور في هذا الوقت "أي بعد صلاة الصبح"، للحد من ظاهرة المودعين عبثا.
ولم يكتفوا بالأمر بل أحاطوا المسجد بعشرات من شرطة العاصمة، يحمل كل واحد منهم عصا يلوح بها لكل مقترب، حيث تطلب الأمر من ضيوف الرحمان أن يرفع كل واحد منهم أوراقه حتى يسلم مما بدا أنه "ضربة دبوس تنظيمية محتملة".
تقدمت مع والدتي ونحن نرفع أيدينا بالأوراق كما يفعل المجرم بعد حصار لا مفر منه إلا بالموت أوالاستسلام.
داخل حوش المسجد أخذ الناس يتدافعون لركوب الباصات، كان هناك عدة منظمين يصيحون فيهم "بشور ، بشور، هيه بشور، ستركبون جميعا"، لم يعرهم أحد أي اهتمام، كانت الصيحات تتعالى من هنا وهناك:
ـ أراه أوط إعلي
هيه،
لمر بالك لتواغطك،
أعطبت الشيباني بوي
حانين نركب عنك .. آن متافك إمع هاذي لمرا..
أمام الطائرة تبين أن ثلث من حملتهم البيسات إلي مدرج المطار كانوا من المودعين الذين استطاعوا بقليل من الجهد إختراق الطوق الأمني، والمرور من تحت عصي البوليس،
كدت أصطدم بأحدهم وهو ينزل من الطائرة بعد أن وصل لسدرة المنتهى في توديعه الثقيل.
لم يكن النازلون آخر المودعين، فقد كانت هناك جولة تصفيات لإخراج من جلسوا بجوار ذويهم في هوس غريب من المبالغة في التصرفات التي تتجاوز كلما عرفته الشعوب من التمسك بالعادات والتقاليد "طبعا السيئة".
في مقعدي من الطائرة الذي لم يخضع طبعا لأي ترقيم ولا نظام، تمددت وأنا أمتّع نفسي بالرفاهية التي تطغى على المكان، كانت تلك هي المفاجأة السارة، فقد قدّر في تلك السنة أن الموريتانيين نشروا إعلانا للبحث عن طائرة كبيرة يؤجرونها لحمل أفواج حجاجهم، وكان من قضاء الله أن يقع نصيبهم على إحدى شركات النقل الأميركية التي أجرت لهم طائرة " أبوينغ 747" لا أبالغ إذا قلت إنها قادمة من المصنع، على الأقل هذا ما بدا لي.
طاقم الطائرة مكون من "دوزينتين " من جدعات، وجدعان النصارى، تتراوح أعمارهم مابين العشرين والخامسة والعشرين، بدوا لي متحمسين، ويستخدمون نفس العبارات الأدبية المعهودة في الغرب، كلما دخل تيفاي أو تيفاية أو شيخ أو شيخة، تتعالى هنا وهناك همسات من نوع "hi" , "welcome", "good morning "
الواقعة الأولى في برنامج الرحلة حصلت أمامي، كنت أراقب إحدى الفتيات المضيفات وهي تخدم المتجولين في الممرات الضيقة ، كانت تساعد أحدهم على رفع "بيلوكة" يحملها ليدسها داخل خزانة الأمتعة فوق الركاب، شككت حسب حركات الرجل فيما لو كان يخطئ فهم ما تحاوله الفتاة، التي كانت تقوم بحركات روتينية من عملها اليومي، والتي قد تعبر عن أشياء أخرى في مخيلة هذا الحاج العربي البدوي، الذي ربما كان يقف لأول مرة وهو يلاصق "نصرانية" شبه عارية، كان مرتبكا يهذي بكلمات: " الفوك ،،، الفوك"..
فجأة، وقبل أن أستجمع الموقف تناثر الحب الأحمر فوق جسمها كله، رأيت ما أدركت أنه آلاف الحبات من " إنبك" النبق، تسيل فوق سيقان النصرانية المضيفة، وتتدحرج تحت المقاعد وبإتجاه مقدمة الطائرة،
ـ oh,,,my god,,oh,,no
هكذا تكلمت المضيفة أما زميلها الذي كان أمامها مباشرة، فقد أخذه الموقف إلى درجة الذهول، وهو ما عبر عنه عندما رأى زميلته وهي تحاول جاهدة التخلص من حبات النبق التي دخلت تحت ثيابها
ـ wow,, what happend
كان الرجل الحاج الذي عجبت فيما بعد من طول لحيته، قد غفل عن مخلته الكبيرة غير مربوطة، والتي إنفتحت فجأة لتمطر الفتاة المساعدة،
صاحت سيدة تجلس غير بعيد:
- "يوك حته .. هذا النبك؟"
شيخ كبير يحرك سبحة بيده ولا يزال يجاوز حباتها – رغم أنه مشغول بالكلام عن الاستغفار:
- هذا حرام، الطعام، توطّات عليه النصرانية والنصراني..
حضر أفراد جدد من الطاقم، كانوا يعتذرون للسيد الذي "كب" النبق على رأس زميلتهم:
ـ sorry,, sorry,, we are sorry,,,,wait I will bring you,,, ـ ،،،،،،،،
إبتعدت الفتاة وعادت بعد لحظات وهي تحمل عدة أكياس قوية وأنيقة تحمل شعار الشركة الناقلة .. قسّم الرجل بيلوكته، ثلاثة أجزاء في ثلاثة أكياس، وجلس في مكانه وهو يتصبب عرقا ..
كانت هناك مشكلة حقيقية، الوقت يمر، وما بدا أنه حركة غير عادية لركاب يحاولون الجهوز للجلوس في مقاعدهم هو دوران في حلقة مفرغة، كلما جلست فئة وقفت أخرى، كلما خرج شخص من الحمام دخل آخر، الناس يقفون ويمرّون ويتزاحمون، ينزلون حقائبهم ويفتحونها، يعيدونها، وأثناء ذلك يسدّون الطريق، عندما يفضّوا الطريق، يتذكر آخرون أن لهم معارف في مؤخرة الطائرة أو في مقدمتها لم يسلموا عليهم بعد ولم يسألوهم عن الأهل وعن لخيام..
ساعتان، ثلاث ساعات، أربع، أخيرا أدرك الطاقم أنه ينتظر الجهوز عبثا، وأن الصبر وجودة الخدمة ربما لا ينفعان في الرحلة رقم .. ــ الظاهر أنهم إستعانوا بالمنظمين..
أخيرا نزل أحدهم من الطابق العلوي للطائرة "الدرجة الأولى" وكلّم الحجاج عن طريق مكبر الصوت:
ـ "الخلط أنتوم كافيكم من حصرت ذي الطائره .. كافيكم من تخباز الدبش .. كافيكم من الرد .. كافيكم من البول .." .. "أكعد عنّا فبليداتكم خلون ننطلص.."
عجبت من اللغة التي كلّم بها هؤلاء الحجاج، الذين دفع كل واحد جلّ ما يملك وما لا يملك، والذين من بينهم شيوخ وعلماء، والذين لم يكنوا ليقوموا بغير ما قاموا به في موقف يتبوأ هو فيه منصبا قياديا ويتفوه بخطابات من هذا النوع .. لكن عجبي سرعان ما زال، عندما نزل السيد ورأيت أنه يلبس دراعة رقيقة تكشف عن صدره الذي تركه من غير قميص. أخذ يحك ذراعه وهو يتجول في الممر ويخاطب الناس واحدا واحدا:
-هيه أكعد عنّ
-إنتي أكعدي
-أرجع .. أرجع .. ذ ماه وقت الدوش، الطائرة لاه إتكيّم
-مرحبا وسهله، أنت أشحالك، إياك لباس، إياك الخير؟ "واحد من معارفه"
إنضم إليه عدد آخر من المنظّمين، كلما أجلسوا جماعة وقفت أخرى..
إشتغلت محركات الطائرة، مما زاد من إضطراب الناس ومن حركتهم .. طاقم الخدمة يتأكد من مساند المقاعد، ومن أحزمة الأمان .. شدّ الحزام لكل فرد على حدة، وأخيرا بدأت الطائرة بالتحرك ببطء، وبدا أن خلية النمل داخلها ستستسلم للأمر المحتوم .. تعالت الدعوات والتهليل والتكبير وآهات الخوف من سقوط الطائرة .. زادت سرعة الطائرة وتوجهت لمدرج الإقلاع .. توقفت قليلا، ثم طغى أزيزها مبحوحا، يخالط الأعصاب ويعشش في الدماغ، وإنطلقت،،،،
فجأة، وقف أحد الشيوخ، تردد قليلا وهو يبحث عن إتجاه القبلة، إجتهد، و، "الله أكبر" قالها وهو يرفع يديه في الممر .. هبّت إحدى المضيفات كانت قد شدت حزامها بعد ست ساعات من ذرع الممرات، ثم أخرى، ثم ثالثة،
"wait, wait, wait, "
أخيرا بمساعدة بعض الركاب تم حشر الشيخ في مقعده، وتم ربط حزامه بالقوة قبيل أن ترفع الطائرة أنفها تجاه السماء.
إحدى الحاجّات علقت: ـ "لي .. ما إيصلّي ركعتين؟"
أخيرا أصبحنا في الجو وعاد الركاب للممرات وفتح الحقائب والتزاحم عند أبواب الحمامات، كانت هناك مشكلة كبيرة في توزيع الطعام، كنت أراقب مضيفة قادمة تدفع عربة الأكل، ووراءها أربعة أشخاص يطلبون منها أن تفسح لهم للمرور، لم تسعفها كل عبارات الأدب التي تعلمتها، إبتسمت وأشارت إلى عربتها وقسمات وجهها تقول: "ليس باليد حيلة"..
بيني وبينها عقد أحد الحجاج مجلسا علميا وأدبيا مع جاره المقابل، منذ لحظات تعارفا وأدركا أنهما من نفس المنطقة، ثم إكتشفا أن والديهما سبق وإلتقيا، وأن والدتيهما قريبتان يربطهما دم غريب، قادم من جدة أخرى من قبيلة أخرى .. تباحثا وحكيا شعرا، ثم ناقشا حكما فقهيا وأوردا بعض الأنظام الواردة فيه، ثم دخلت العربة بينهما .. المضيفة تشير بأنواع الأشربة للجالس أمامي، راقبته وهو يتفحصها بعد أن مالت إليه لتسمع كلمات كان يحاول إيصالها لها، مع أنه لا يتكلم لغتها، لم يرفع بصره عنها لحظة، عجبت كان كهلا ربما خمسون أو ستون، حسب حديثه، فهو متفقه في الدين، أعجبت بفصاحته عندما كان يحكي الأنظام، لا شك أنه من أسرة علم، فجل ما حكى من إنتاج أسرته، لكن ما لعينيه تحررتا من كل هذا الإرث؟ .. ثم تذكرت أن الموريتانيين بالخصوص، يستثنون من الأخلاق الحسنة للرجل غض البصر عن النساء.
تجاوزت المضيفة، ورجع الحديث، إبتدر الكهل محدثه:-دخلت بيننا هذه المخلوقة!
إنشغلت عن حديثهما بتحليل كلمة "المخلوقة"، ترى لماذا حدّدّ المضيفة بالذات، وجعلها عنوانا رغم وجود العربة والأكل؟ هل ضاق صدره عن إخفاء إعجاب حل به عن محدّثه؟
ثم لماذا إستخدم عبارة "المخلوقة"؟
هل هو نوع من التعبير عن الغموض الذي يكتنف هذه الفتاة التي تتكلم لغة أخرى وتتوفر فقط في مكان خارج المكان؟
أم هو نوع من التصنيف المطلسم في صياغة "مفعولة"؟
أم إنه نوع من المسالمة الخفية والتقرب اللاواعي، حيث إنها مخلوقة ومجبولة على ما هي عليه، وبالتالي فـ "دعوها فإنها مأمورة"؟
ربما كانت تلك التسمية تبرئها مما كانت ستسمى به لو كانت تخدم عربا آخرين في طائرة أخرى، من الخليج مثلا، ربما كانوا سيطلقون عليها "المتبرجة، أو الفاسقة، أو العاهرة...
أسلمتني هواجسي لصوتيهما يبدو أنهما لا يزالان يتحدثان عنها..
قال الأديب:ـ من أحسن ما قيل فيهن قول البعض:
مدت إلي يدها
وما كرهت مدها
والحمد لله على
أن لم تمد خدهـا
لم يخرجني من الحديث الممتع للأديبين إلا أصوات الناس وهم يهمهمون بأن أمرا جللا حصل في مؤخرة الطائرة، ازداد الهرج، خرج الناس من أماكنهم وهم يدوسون الصواني الكثيرة التي ملئوا بها الممرات، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء إنتظار المضيفات لجمعها،
إمتلأت الممرات بالطعام وفضلات الشراب،
أحدهم:- الطائرة سائلة- سائلة؟
كيف سائلة؟
-الماء يملأ الممر قادما من الحمامات!
رأيت إثنين ـربما مهندسين من عمال الطائرةـ يهرولان ويدفعان الناس ليصلا إلى محل الحادثة، لم تعجبني وجوههم وأنا التي وطّنت نفسي على التّأني وتحكيم العقل .. هل بالإمكان أن تطال أيدي "التنظيم المتوحش" أمان هذه الطائرة التي تحوي إحتياطات للأمن والسلامة تتجاوز الكثير من الخيال، هل يمكن أن يفعلها القوم ويحطموا طائرة دفعوا كلما يملكون في الجو وهم يتوجهون إلى رحلة العمر والأحلام، في واقعة ستحطم الأرقام القياسية وتتصدر عناوين الحوادث الغريبة، "الحجاج الموريتانيون يحطمون طائرتهم في الجو"؟
أخيرا رضخ الحجاج لصراخ المنظمين وعبوس الطاقم، بدأت الأخبار تتوارد، إختلفت الروايات، فمن قائل إن الحمامات إنسدت لكثرة ما دسّ فيها من ورق، ولم يبلّغ أحد عن الأمر، وتوبع في إستعمالها حتى سال الماء خارجا في غفلة من المضيفين الذين راحوا للإستراحة بعد توزيع الأكل، ومن قائل إن رجلا شوهد وهو يدخل الحمام وبيده كأس من كؤوس الشراب، بقي وقتا يملأها ويستحم بها، حيث أكدّ شهود عيان أنه خرج ورأسه يتقاطر ماءا وجسمه مبلل!
ومن مرجّح أن البعض رمى أشياء في مقعد الحمام، وتزامن ذلك مع الوضوء على الأرضية..
هدأ الناس بعد أن قدّم لهم المنظم صاحب الصدر المكشوف محاضرة من الصراخ والكلام النابي، ضمّنها أنهم كادوا بتهورهم وبداوتهم أن يسقطوا الطائرة بمن فيها، وأن الحمامات قد أغلقت نهائيا، ولا بول قبل الديار المقدسة..
همد الحجاج ونام بعضهم، حتى إنني ظننت أن مخدرا دسّ لهم في الطعام، ولم تحصل حوادث تذكر حتى وصلنا مطار جدة الدولي، وهناك كانت البداية .. لكنها بداية أخرى.

منت الناس

mederdratoday@gmail.com

السبت، 7 نوفمبر 2009

الأديب محمدفال ولد عبد اللطيف
في مقابلة مع موقع الأخبار (3)


البعض يقول إنه ليست هناك حاجة لشرحكم لكتاب شمائل النبي صلى الله عليه وسلم، الذي ألّفه ببّها ولد أحمد العاقل، أكثر مما هو خدمة لتراث الاسرة ؟

محمد فال: التذكير بشمائل النبي صلى الله عليه وسلم أمر لذيذ لا يمل منه، فشمائله مصدر الخير، وهدفي من شرحه قد ذكرته في مقدمة الشرح، وهو أني أريد أن أتعلّم من خلال شرحي له.
أما إختياري لهذا الكتاب الذي ألّفه ببّها؛ فببّها لا شك أنه من أهلي الأقربين، ومن مشايخي الذين تلقيت العلم عنهم، وهذا لا ينبغي أن يصدّني ويمنعني من شرح كتابه، بل ينبغي أن يكون محفزا لي على ذلك، من أجل أن أعرفه أكثر، وأستفيد من علمه، وتأليفي لشرح كتابه هو أمر وافق فيه الشرع الهوى، وإذا وافق الشرع الهوى فهو الشهد بالزبد، ولست بدعا في هذا، فالمؤلفون دائما يؤلفون عن مشايخهم ومن يعرفون، هذا بغض النظر عن خصوصيات الكتاب، فأنا أرى أن للكتاب خصوصية، وهي أنه تعرّض لكثير من الشمائل، وتوسّع فيها، ولم يكن مثل بعض المؤلفات في الشمائل التي إقتصرت على جانب واحد، كالخَلق أو الخٌلُق أو العبادات، رغم أن سلوك رسول الله صلى الله عليه وسلم كلّه شمائل، وببّها توسّع فيها، لأن سلوك النبي صلى الله عليه وسلم كله شمائل، وهذا من الدواعي التي حدتني إلى أن أشرح الكتاب، من أجل أن أتعرّف على كم أكبر من الشمائل، وليس فيه دعاية أبدا للأسرة، فهي غير محتاجة لها، ومثل هذا النوع لا يمكن أن يكون دعاية .. فقط يمكن أن يكون هذا دعاية لي أنا، وليس للمجموعة .. هو دعاية لي أنا لأنه يذكر إسمي في سجل مع شيخ جليل .. لا شك أن في هذا دعاية كبيرة بالنسبة لي أنا، ولم أكن قصدتها أبدا حين أردت تأليف الكتاب.

البعض يلقّبكم بشاعر الإداريين، وإداري الشعراء، كيف ترون هذه التسمية ؟

محمد فال: هذه المقولة أرجو أن تكون حقا، ولا شك أن لها ما يبررها، فأنا أصدرت ديوانا بعنوان "جذاذات" فيه مقطوعات من شعري كتبت أغلبها في فترتي بالمدرسة الوطنية للإدارة، وأيامي الأولى في المهنة والتوظيف واليا وحاكما، وسمّيته جذاذات لأنه مقطوعات غير طويلة، نادرا ما تجد فيه قصيدة طويلة، وهو يعكس تجربتي الأولى موظفا وتلميذا في إنتظار التعيين، وهذا هو المبرر الذي جعلهم يلقّبونني بشاعر الإداريين وإداري الشعراء، والديوان طبعه إتحاد الأدباء والكتّاب الموريتانيين جزاهم الله خيرا، وهو موجود، وقد قابلتني في شأنه الإذاعة الموريتانية سابقا، وأذاعوا منه نماذج، وبالمناسبة يقال إن الإدارة تختلف طبيعتها مع طبيعة الشعر، فالإدارة جفاف على جفاف، إلا أني قلت في مقدمة الكتاب أني لا أقر بذلك، فالشعر تعبير الشاعر عما أحس به، والإنفعالات التي تحدث للشاعر في عمله ونشاطه هي الشعر، وهذا الديوان محلّي جدا هو الآخر، وقد تبرأت من ذلك العيب في مقدمته، وقلت أن فيه بعدا عالميا قد يمر عليه القارئ في المرة الأولى ولا يشعر به إلا في القراءة الثانية أو الثالثة.

بوصف تجربتكم الإدارية والثقافية، نريدكم أن تلخّصوا لنا طبيعة الصراع بين العربية والفرنسية في الدولة الموريتانية، لأنه يقال إن العربية الآن إنتشرت، ولكن في قطاعات هامشية لا تتحكم ثقافيا وسلطويا ؟

محمد فال: أنا لا أعتقد أن هناك صراعا مقنّنّا ومخططا له، الإرادة السياسية تفرض أن العربية هي لغة الدولة، والدستور ينصّ على أن العربية هي اللغة الرسمية، وجميع الأنظمة كانت تسعى لرفع مستوى العربية، من عهد ولد دادّاه حتى اليوم، وعلينا أن ننبّه أن الناس الذين كانوا يتهمون ببغض العربية، وأنهم ضدها، أنهم برءاء من ذلك، وأنه مجرد إفك عليهم حسب تجربتنا بهم، كان يقال إن إخواننا الأفارقة ضد العربية، لكني لاحظت أن ذلك كذب، أنا عملت داخل البلاد ولاحظت أنهم يحبون العربية في مساجدهم ومنازلهم، ويتعلمونها .. هي مسألة إفتعلت على أيدي بعض المثقفين الدارسين بالفرنسية، وإذا نقّب عنها وبحث الناس في حقيقتها سيجدونها زيفا وبهتانا .. هذا هو الواقع، وجميع الأنظمة من عهد ولد دادّاه وإلى اليوم، كان يسكنها هاجس رفع مستوى اللغة العربية، إلا أن الظروف لم تكن مواتية، في الأول كان من الصعب إبراز إداريين عربيين من الناس الذين لم يتكوّنوا التكوين العصري، فكان لابد أن يكوَنوا، فتم تكوينهم، ونحن قد أتينا من مسافات بعيدة جدا جدا، فأنا أتذكر أنه لم يكن يوجد من العربية إلا كلمات شعار الدولة، أو كلمات في رأسيات، أو النشيد الوطني فقط، وكل الأنظمة حاولت خدمتها .. ولد دادّاه زادها في فترته إلى معدل تسع ساعات في الثانوية، وترتّب على ذلك ما ترتب عليه، ثم أصبحت فيما بعد لغة مجلس الوزراء، والأمر في تطور مستمر، ولا أنكر أن هناك من يسوءهم وجود اللغة العربية وإنتشارها.

تقصد التيار الفرنكفوني ؟

محمد فال: لا يمكنني أن أسمّي أحدا، لأني لا أملك دليلا، لكني في نفس الوقت أؤكد أن هناك من يسوءهم الأمر، والناس والحمد لله جميعا مسلّمون بأن العربية لا بد أن يعتنى بها، ولا يقبلون التقصير، وكما قلت لك، المسألة لها جذور بعيدة، فأتذكّر أن ولد دادّاه كان يخاطب الأمة بمناسبة عيد الاستقلال بالفرنسية، وكان عامة الشعب التي لا تعرف الفرنسية يتندرون أثناء الإستماع للخطاب، بأنه إذا ذكر زمبابوي فمعناه أن الخطاب قد أوشك على النهاية، لأنه كان يتطرق للشأن الخارجي في نهاية خطابه، بعد ذلك أحسّ في آخر زمنه أنه لا بد أن يغير سياسته هذه، فلما أراد أن ينشئ الأوقية، عقد مهرجانا وتكلم بالحسانية، وإستحسن الناس إذا ذاك الخطاب، وأرى أنه لو كان طال به زمنه، لكان عدل عن مخاطبة الناس بالفرنسية، وهناك مسألة رئيسية، وهي أنه كان يستمع إليه المجتمع الدولي والخارج، فيحتاج إلى أن يتكلم بالفرنسية من أجل أن يظهر أهلية وكفاءة الدولة، فالدولة كانت في أزمة مصداقية دولية، مصداقية السيادة الدولية، فإستدعى ذلك أن يهتم بجانب الأجنبيين في الخطاب أكثر، وهذا أمر ينبغي ألا يغيب عن الحسبان، والقضية صعبة، واللغة لا ترسّخ بالقوانين والقرارات، والأزمة ليست أزمة العربية، فالفرنسية هي الأخرى تعيش نفس الأزمة تجاه الإنكليزية، فمن يستمع إلى RFI يكتشف أنهم يعانون نفس المشكلة، وقضية اللغات هي قضية عالمية، فالفرنسيون المتحمّسون للفرنسية، يغضبون إذا سمعوا كلمة من الإنكليزية، وأتذكّر أنه كان عندنا أستاذ من الكبك من دعاة الفرنسية، وإذا سمع كلمة من الإنكليزية منا، يغضب، وحتى أني أتذكّر أنه قال لنا أن "تلكس" يقال لها "تلكوبي" وأنwek-end يقال لهLa fin de la semaine إذن معناه أن قضية اللغة ليست خاصة بالعربية، فهي صراع لاشك أنه بعيد الغور، ويتطلب أجيالا من أجل الحل، فلا تحل مشكلته بجيل واحد، والمهم أن تكون هناك إرادة تمنع من الإنتكاسة.

ما هو تقويمكم للثقافة الشنقيطية؟

محمد فال: الثقافة الشنقيطية القديمة، أبطلت التصنيف التقليدي الذي كان عند النقّاد والمؤرخين للأدب العربي، فأنتم تعرفون أنهم يقسمون التاريخ الأدبي إلى عصور: الجاهلي، وصدر الإسلام، والأموي، والعباسي الأول والثاني، والإنحطاط، والنهضة، وعصر الإنحطاط نحن لم نشهده، بل كانت فينا إذ ذاك نهضة قوية معروفة، حتى إن شوقي ضيف خصّصّ أخيرا جزءا لموريتانيا، لتفادي ذلك الخطأ في وصف حقبة معينة بعصر الإنحاط، وإعتبارها شاملة لكل أقطار الوطن العربي، فكتب عن الأدب الموريتاني، وأشاد به، فما سمّوه الإنحطاط نحن لم نشهده، أما اليوم، فالناس يتحدثون عن الركود الثقافي، لكن ذلك نسبي .. توجد نوادي، ووجود هذه المواقع الإلكترونية خدم الثقافة، وإذا كان هناك اعتبار للواقع الثقافي أنه متدن، فهو مجرد إعتناء بموريتانيا، لا يرضى لها إلا الكمال.

هناك نوعان من المثقفين، مثقفون يخدمون السلطة، ومثقفون يخدمون المجتمع، كيف تنظرون إلى هاذين النوعين ؟

محمدفال : هذا التقسيم قديم منذ قيام الدولة الاسلامية، دائما كان هناك شعراء البلاط، وشعراء ليسوا مع البلاط، وعلماء الدولة، وعلماء ضدها، وهذا يقتضيه التوازن، فالتوازن ضروري ولا بد منه، ومثقفوا السلطة هم هؤلاء الذين يناصرون الدولة وسياستها، ويجعلون ثقافتهم لخدمة الدولة .. هؤلاء إذا كانوا فعلوا هذا عن قناعة، فأنا لا أرى فيه بأسا، أما إذا كان المثقف حرباء، فذاك ما لا ينبغي، ومسؤولية المثقف حينئذ يتحملها كاملة، وموريتانيا ليست بدعا في هذا، فأنتم تعلمون أنه كان هناك علماء البلاط، وعلماء ليسوا مع البلاط، ولا بد من ذلك، فالعلماء لا بد أن يبقي بعضهم مع السلطة من أجل تنويرها وتبصيرها، فما ذا سيكون لو كان العلماء إستقالوا، ولم يكونوا مع هارون الرشيد، وإذا كان أبو يوسف تلميذ أبي حنيفة لم يدعم الرشيد لكان الرشيد قام بكثير من الإنحراف، مع أن الرشيد كان فاضلا وعالما لكنه يبقى محتاجا إلي عالم، ولو كان مالك لم يوجّه أبا جعفر المنصور ولم ينصحه لإنحرف .. إن الهروب لم يكن على إطلاقه، هو نوع من الورع لكنه قطب لا بد منه في التوازن، يكون هناك قطب قوي في الهروب من السلطة، من أجل أن يظهر أن الإندفاع إليها بالنسبة للعلماء لا ينبغي أن يكون على إطلاقه، وليس معنى هذا أن العالم يفتي السلاطين بالباطل، إن يحيى إبن أكثم كان مع المأمون، وعنده مقامات شهيرة، فقد كان المأمون سيأمر بسب الصحابة تحت تأثير دعاية الشيعة، فلما إستدعى يحيى إبن أكثم، قال إذا سبّوا معاوية اليوم سيسبّون غدا عثمان، وبقية الصحابة، وذلك أمر خطير، والشيعة كانوا قالوا إنهم يريدون أن يسبّوا معاوية قليلا.

إشتهرتم بالكتابة في الشأن الاجتماعي، وأخيرا كتبتم مشيدين ببعض الأنظمة، كيف نفسّر ذلك ؟

محمد فال: على كل حال زمن حرية الصحافة لم يكن موجود،ا ولما وجد أخيرا، أرخيت لقلمي العنان، وفعلا ساهمت في حملة محمد ولد عبد العزيز .. قلت فيها تائية، قال أهل الخبرة في الشعر إنها لا بأس بها، ولما وجدت الإعتراضات على نتائج الإنتخابات، قلت أبياتا كان لها صدى، رددت فيها على قضية أن الباء تنتقل من مكان إلى مكان، بمقالة إستثمرت فيها مقولة الأشاعرة أن "العرض لا ينتقل" !! هذا هو قناعتي، والحياد لا يتنافى مع تعبير المرء عن قناعته إذا وجدها، ومن يقرأ مقالاتي كلّها لا شك أنه سيجد موقفا بارزا .. أنا كتبت في وسط الحملة الرئاسية الأولى (1992) مقالا بعنوان "التنين ذو الرؤوس السبعة" أحدد فيه التحديات التي ستواجه الرئيس الذي سينتخب، وقد نشرته في الشعب، وبيّنت فيه موقفي ورسالتي إلى الرئيس القادم.

قلتم إنكم كتبتم في مواضيع متعددة أخيرا - حين سمح بالحرية الصحفية - إذا لم يسمح بالحرية الصحفية، هل ترون أن ترك الكتابة والكلام هو الأولى، وأن محاولة إبداء الموقف والآراء لا بد أن يعطى لها الإذن من الأنظمة ؟

محمد فال: لا آمر بالسكوت ولا بالكلام، المهم عندي أن الإنسان الذي لديه موقف، ووجد حرية صحافة يعبر عنه، أما إذا لم توجد، فالناس ينقسمون قسمين، قسم يجابه، وقسم يلتزم مذهب التقية، وهو مباح، وفي الجانب الفقهي يقولون ان هناك بعض الأمور مباحة تحت التهديد !! وهناك أمر يحتاج تهديدا شديدا.. قال خليل "وأما الكفر وسبّه صلى الله عليه وسلم فإنما يباحان بالقتل"

هل تختمون لنا بكلمة أخيرة، توجهونها للحقل الثقافي الموريتاني ؟

محمد فال: لست في مركز أوجّه منه مثل هذه الكلمة، إلا أني أريد أن أقول إننا محتاجون جدا إلى دار للنشر .. نريد أن يكون النشر متوفرا، وقد سمعنا سابقا أنه ستفتح دار للنشر، فإبتهجنا لذلك، وإن من مثبطات الحركة الثقافية في موريتانيا غياب دور للنشر، وأنا شخصيا متضرر من غيابها، ولدي كتب جاهزة في إنتظارها .. منها كتاب بعنوان " إنضاء الطية لتحصيل الطية من المضاف والمنسوب في الثقافة الشنقيطية" وازيت به كتابا ألّفه أبو منصور الثعالبي، يسمّى ثمار القلوب في المضاف والمنسوب، وقد حاولت أن أخدم من خلاله الثقافة الشنقيطية، ولدي كتب أخرى، لذا أوصي الجهات المعنية بتشجيع النشر، أما أن أقدّم نصائح فلست أهلا لذلك، فأنا مستهلك أكثر من منتج.

الخميس، 5 نوفمبر 2009

الأديب محمدفال ولد عبد اللطيف
في مقابلة مع موقع الأخبار (2)


تكلمتم عن بداية الدولة، وعهد الإستقلال، وجيل الاستقلال .. كيف تقارنون بين وضع الثقافة اليوم، ووضع الثقافة عند جيل الإستقلال، وفي أيام إنتقال الدولة الموريتانية من مرحلة المستعمر والبدو ؟

محمد فال: المستوى الثقافي كان لا بأس به، لكنه منحصر في شريحة قليلة من المواطنين، يمكن أن نقول أنه كان لا بأس به من ناحية الكيف، أما تنوعه وشموله لجميع شرائح المجتمع فلم يحدث إلا بعد الدولة الحديثة.
لقد كان الأشخاص المثقفون، محصورين بمستوى يكاد يكون متوارثا، ولما جاءت الدولة الحديثة، أضحى التعليم متاحا أمام الجميع، وكل أحد ينال منه ما يريد ،وهذه إيجابية من إيجابيات الدولة الحديثة ينبغي أن نعترف لها بها.
كما كانت الفنون محصورة في علوم اللغة العربية والشريعة، أما بعد وجود الدولة الحديثة فقد توسعت المعارف وتنوعت الفنون .. إذا الثقافة يمكننا أن نقول إنها زادت من ناحية الكم، لكن ذلك إنعكس على الكيف؛ حيث كثر المثقفون، والمعدل العام أضحى ضئيلا، وهذا ما يعبر عنه بعض المسؤولين بمحو الأمية، فالتهذيب أصبح محو أمية ولم يعد نخبويا.

بالنسبة لمؤلفاتكم .. يطبعها طابع المحلية، وفي فتاوي الشياطين، طبع كتابكم طابع العالمية، بمعالجتكم فيه موضوعا عالميا، لأن الشياطين يرتبطون بالإنس عموما .. كيف جاءت هذا الخاصية لهذا الكتاب ؟

محمد فال: أنا لست مؤمنا بمحلية أي شيء، وأرى أن للعالمية تجليات تظهر في المحليات .. كل شيء يعالجه الإنسان أو يكون همَا لإنسان في فترة ما ،لابد أن يكون له بعد عالمي، وهذا إذا إتفقنا عليه تكون المسلَمة التي بني عليها السؤال قد سقط نصفها، ومن وجهة نظري بقي أن أجيبك عن خصوصيات كتاب "فتاوى الشياطين"، فالأبطال فيه عالميون، وذلك ما جعلكم تعتبرونه عالميا، وحاولت أن أستغل إرتباط الشياطين في الذاكرة الموريتانية، بل والإسلامية عامة بالشر، فهم مصدر الشر .. وحاولت أن أظهرهم يفتون الناس بحسب النصوص المعمول بها في شريعتهم.
وهناك بعض من القراء والنقاد، أعطى لكل ولاية من ولايات الوطن شياطين من جملة الشياطين المذكورين في الكتاب، يفتون في المشاكل التي تطرح في تلك الولاية خصيصا، مثل المشاكل العقارية، ومثلها .. والحقيقة أن ذلك لم أقصده، لكني لا أتبرأ منه.

ألا يمكننا أن نعتبر كتاب فتاوي الشياطين نقدا لبعض الفقهاء أو بعض الفتاوي ؟

محمد فال: لا مطلقا بل العكس، فأنا حاولت أن أضع فيه الفقه على الواجهة، وفي الساحة، من أجل أن يسأل الناس ما هذا ؟ وما هذه الأساليب ؟ فيقال هذا أسلوب الفقهاء، يجيبون به الفقهاء، وهذه فتاوي أحكام ونوازل، فيتعرَفون بذلك على هذا الجانب من الفقه.
فالنوازل فضلا عن قيمتها التاريخية والدينية والقانونية، فيها جوانب يمكن أن توظف من الناحية الأدبية ،والبعض من الناس قالوا إنه يمكن أن تكون في الكتاب سخرية من بعض الفقهاء، وأنا لم أقصد ذلك، ولا أتحمَل المسؤولية ولا يمكن أن أتحملها، فمن الخطير أن يسخر الإنسان من حملة الشريعة، وأنا لا يمكن أن أدخل تحت تلك الراية.

بعض كتبكم رغم أنها بالعربية كتبتم عناوينها بالحسانية رسالة الفيش مثلا، ما السبب ؟

محمد فال: هذا صحيح، والهدف منه شد القارئ، فالشيء المخالف للعادة يلفت إنتباه الناس، ويجذب أنظارهم، ومن هدف الكاتب أن يشدَ القارئ، إلا أني لا أسلَم أن العنوان في رسالة الفيش جاء بالحسانية، وغير فصيح، فالفيش إذا نظرت في القاموس تجد الفيش والفياش، وهي تدل على معنى المفاخرة.
أما في كتاب "تكوس"، فتكوس لا شك أنها كلمة محلية، وقد حاولت في الكتاب أن أؤصَلها في اللغة العربية، وقلت إن كاس البعير معناها مشى على ثلاثة أرجل، أو أنها يمكن أن تكون مشتقة من الكأس، ورغم كل ذلك أنا أعترف أنها كلمة عامية.

القارئ لأدبكم، وتآليفكم، يلاحظ أنكم تتحدثون عن التمييزات الإجتماعية، وتعتدُون بها .. ألم يتجاوز العصر التمييزات الإجتماعية، ولم يعد يستوعبها كما يقولون ؟ أم أنه مازال يسمح ببقائها ؟

محمد فال: هناك نوعان من الخطاب، خطاب سياسي لا يقبل من أهله أن يقولوا إلا كلاما موزونا، وهناك خطاب عام عند الناس أرى أن الكاتب لا يمكن أن يتجاهله، وهو أن التمييزات الإجتماعية مازالت موجودة، وليس معنى ذلك أن الناس غير متساوين أمام القانون .. هي موجودة وهذا هو الحق، ويمكن أن يوصف من يستخدمها بأنه يتبنى قناعات خاصة، وأنا لا أرى ذلك، وأعتبر أن على الكاتب أن يعبًر عفويا، وإذا عبَر عفويا فإنه سيتحدث عنها، ولا يمكن أن نعتبر ذلك من قبيل الإستخفاف ونحوه، وهو الواقع .. وما تضمًنته إنجازاتي أنا، من التطرًق لهذه التمييزات الإجتماعية، فإنه ليس بالكثير، وأغلبه حدث في فترة شبابي الأولى، حين لم أكن محاسبا، فالشباب لا يحاسبون على كثير من الأمور، وخصوصا أني كنت إذاك أمارس وظيفة الحكام الإقليميين، فكنت واليا مساعدا، وعندي مستوى من الغرور يمنعني من التنبًه إلى أبعاد بعض التصرفات.

في نفس القضية .. البعض قالوا إن كتاب الفيش بين كسكس والعيش، يعكس الصراع الجهوي الصامت في الوطن بين ( أهل الشرك وأهل الكبلة)، وأن طرحا كهذا لا يخدم الفكرة الوطنية ؟

محمد فال: هذا من الناحية الواقعية ليس موجودا، فالعيش في كل مكان، وكسكس في كل مكان، وأنا لم أقصد هذا الفهم، وطبعا لا أقول فيه إلا ما قاله أبوسفيان بن حرب يوم أحد، لمّا مثّل المشركون بشهداء المسلمين، "ذلك أمر لم آمر به ولم يسؤني" .. هذا بالرغم من أنني في صلب الكتاب، حاولت أن أبرهن، أن القضية قضية تكامل، فهي حبًة من الزرع أو القمح، طحنت وعجنت، فالبعض "كسكسها" والبعض "عيًشها"، وهي في ذاتها حقيقتها واحدة .. ومن الطريف توظيف هذا الأمر في الصراع الجهوي، فدائما يوجد صراع بين المناطق والمدن على مر تاريخ المسلمين، فالدًارس للأدب، يجد الصراع بين أهل الكوفة والبصرة، والقارئ للأدب الأندلسي يجد الصراع بين غرناطة وقرطبة .. ومثل هذا مما كتب فيه الكتًاب كثيرا .. وهي صراعات أدبية لا تصل لمستوى الصدام أبدا، وإنما تعبًر فقط عن ترف فكري .. وأنا في الحقيقة لم أقصد هذه القراءة، ولم تكن هدفا مسبقا بالنسبة لي، ولمًا حدثت، فإني أتبناها، والكتًاب يقولون إنهم دائما يكتبون أشياء، فيقرأ الناس والنقًاد منها تحليلات لم يقصدوها، لكنهم لا يتبرءون منها أبدا.

هل معنى ذلك، وتحديدا إذا أخذناكم كنموذج، أن الكتًاب والأدباء ليسوا حساسين تجاه القضايا الاجتماعية ؟

محمد فال: لقد قلت في مقابلة سابقا مع جريدة الراية، حين سألوني عن إلتزام الأديب، إن موقف الأديب الإرادي في الإلتزام ضئيل، فهو عبارة عن تفاعله العفوي مع بعض القضايا والمسائل.
إذا الأديب لا ينتج شيئا تحت الطلب، فلا يطلب منه أن ينتج إبداعا معينا، وإذا حدث ذلك فإن المؤلف سيكون جافا وباردا، أما ما ينتج عن تفاعل الأديب مع واقع معين، فذاك هو موقفه حسب وجهة نظري، وهو الذي سيكون له صدى وقيمة.
والأصل عندي أن الأديب لا يجب عليه شيء، كما أن الله لا يجب عليه شيئ، وكذلك الأديب .. فالحادث والقديم يجتمعان في الصفات المنفية، لأنها لا وجود لها .. فالله يوصف بالبقاء، والعبد يوصف بالبقاء، لأن البقاء صفة عدمية لا وجود لها، والأمر هنا نفي شيء، فالأديب لا يجب عليه شيء، ولا يؤمر ولا ينهى، اللهمً إلا إذا تفاعل مع موضوع، أو أحسً به، فإنه سيولد إبداع معين، لا نعرف طبيعته، ولا ينبغي للأديب أن يتجاهل الواقع، فالواقع يتجاهله السياسيون، ويغلفونه وينكرونه .. وليس معنى ذلك أننا نخدم أي قضية غير عادلة، بل هذا هو الواقع المحض، الذي يتكلم به الناس في أسواقهم.

mederdratoday@gmail.com
Tenerife - Mederdra

J`ecris depuis Tenerife, dans les îles Canaries, parce que j'ai vu a l`internet que vous avez un blog dans Mederdra
..................
L'Université de La Lagune (Tenerife) réalise une étude pour comparer génétiquement les ancêtres des canariennes (guanches) et ceux-là de populations distinctes continentales africaines
L'actuel projet de recherche dans le Département de génétique prend fin le 31 décembre
Il est nécessaire de reprendre 100 échantillons, frotis buccaux, des trois tribus familières de berbères zenàga dans Mederdra et dans son environnement

Les trois collectifs familiers (qabila) où nous avons besoin des échantillons consistent exclusivement ce en ce qu'ils sont zénagophones : Idablehsan des descendants de Sidi Yahya ; Tandga des descendants de Tandag (au-Matluta des descendants d'Adydya); et Awlad Dayman des descendants de Muhund Amgar
Nous avons besoin de reprendre 100 échantillons de 100 personnes, 30/40 per chaque qabila, préférablement des hommes et aussi des femmes. Il est très important que des échantillons des descendants se recueillent seulement entre des personnes de berbères zenaga depuis très antique

Nous écartons des échantillons de descendants d'Arabes ou de Noirs, parce que les Guanches étaient berbères

.....................

Quand l'étude sera publiée, le nombre des collaborateurs comme vous et la ville de Mederdra ils apparaîtront dans des revues scientifiques, et toutes les personnes participants pourront connaître ses ancêtres
Il n'est pas sûr que des Guanches et zénaga ont comme ancêtres communs, mais grâce au dictionnaire zénaga-français de Catherine Taine-Cheikh (2008), ils nous ont beaucoup attiré attention, l'énorme paru de cette langue avec les mots et les phrases qui se conservent de la langue Guanche (aujourd'hui considérée éteinte)

.....................

Qu'est-ce que nous offrons

Une coopération sanitaire

Nous aimerions connaître les nécessités sanitaires de la population pour pouvoir coopérer

..................
P. D. C'est le dernier travail qui a été publié par le Département de génétique de l'Université de La Lagune
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2728732/pdf/1471-2148-9-181.pdf

...................
Attentivement
Octavio Hernández
Tenerife - Espana

mederdratoday@gmail.com

الأربعاء، 4 نوفمبر 2009

الأديب محمدفال ولد عبد اللطيف
في مقابلة مع موقع الأخبار (1)


كيف إنتهجتم أسلوبكم الخاص في الكتابة عن الشأن الإجتماعي ؟ وكيف تصنّفونه ضمن الأدب النثري ؟

محمد فال: نحن المنتجون، ليست وظيفتنا التصنيف، وإنما النقّاد هم الذين يقومون بذلك، وأنا شخصيا حاولت أن أكتب النثر، لأني لاحظت أنه كان هناك تضخم في الجانب الشعري في موريتانيا، وحاولت أن أتأثّر بالناثرين الأوّلين، وأحيي طريقتهم، مثل الجاحظ، والصاحب بن عباد، وإبن العميد، وحتى الحريري، الذي كتب المقامات.
وحاولت أن أكتب بلغة راسخة في التراث، موسومة بالأصالة، لأني أرى أن اللغة لها روافد، منها ماهو متحرر يدخل في اللغة ما ليس منها، ومنها ما يحافظ على مكوناتها الأصلية، وأنا أعتمد على هذا الرافد الأخير، وكتاباتي تخدم هذا الهدف.
أما ما يتعلق بالمحتوى، فإني كتبت في النقد الإجتماعي، والسياسي، محاولا إثارة بعض المواضيع ،وفي خضم كل ذلك ظل هاجس المحافظة على اللغة الأصيلة الفصيحة، والإعتناء بها، يسيطر علي، ويحضر بقوة في ذهني.

من القضايا الاجتماعية التي طرحتموها، قضية إنعكاس الهجرة من الريف إلى المدينة على القيم الاجتماعية، سواء ما تعلّق منها بالقيم القديمة، مثل المروءة .. أو ما تعلّق بالأمانة تجاه المال العام .. عالجتم كل هذه الأمور .. فكيف تعيدونها للقارئ الآن ؟

محمد فال: لا شك أن للهجرة تأثيراتها الكثيرة، وفيما يتعلق بإنهيار القيم القديمة التقليدية، كالمروءة والشهامة .. فإني كتبت مقالا عن المروءة، حاولت أن أحدّد فيه مفهوم المروءة ،وخلصت إلى قاعدة، وهي أن لكل وضعية جديدة مروءة جديدة، وضربت لذلك مثلا، وهو أن ما كان يجب في السنة صار يجب في الشهر، وما كان يجب في الشهر صار يجب في الأسبوع، وما كان يجب في الأسبوع صار يجب في اليوم.
إذا لابد أن تولد مروءة جديدة خاصة بهذه الوضعية، وقلت إن هذا لا يغيّره الأفراد، وإنما التاريخ هو الذي يغيّره، حين يجمع محصّلة يعبّر عنها بالممكن، لا بالمراسيم والقوانين، وطبعا يمكن أن يقام بأعمال تخدم في الموضوع لكنها لا تملك الفصل والحسم النهائي من أجل الحل، أما ما يتعلق بالقيم التي تتعلق بالأمانة ،فقد كتبت عنها أيضا، كتبت كثيرا عن المال العمومي، وأتذكّر أني كتبت مرة مقالا بعنوان "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت" ،أردت أن أقول فيه إن التفتيشات الإدارية غالبا لا تبرز الحقيقة، حتى أني شبّهت التقارير التي تقدّم بشأن الموضوع، بصحائف المقرّبين، فالفواتير صحيحة، وكل شيئ صحيح، والواقع يخالف ذلك، فمن أين للموظفين بقطعان الإبل التي لا يمكن أن تشترى برواتب لا تتجاوز العشرين ألفا، وقد قلت في هذا المعنى "ورواتب العشرين منها ممكن عقد الدثور بمغرب وبمشرق"، وهو بيت من قطعة تتحدث عن الموضوع، وكتبت المقامة الحذامية، التي تلخّص تاريخ موريتانيا، مما قبل عهد المرابطين، إلى عهد "الكزرة"، وعدد من جنس هذه المقالات صدر مؤخرا في كتاب بعنوان "عيبة الشتيت"، طبعته دار الفكر، وقد نشرت عنه وكالتكم، وكالة الأخبار سابقا مقالا كتبه أحد الأساتذة، وهو مختار ولد أحمد بزيد.

هناك موضوع آخرعالجتموه، وهو نظرة المجتمع الموريتاني في بدايته للدولة الحديثة .. الدولة الوطنية .. فقد كان ينظر إليها على أنها إمتداد للمستعمر .. هذا موضوع عالجتموه في إحدى المقالات .. كيف تنظرون لنظرة المجتمع هذه؟

محمد فال: لا شك أن الحكومة الأولى، المنبثقة عن جيل الإستقلال، كانت من العمّال الذين كانوا يعملون مع المستعمر، ولا شك أنهم تأثّروا بثقافة المستعمر وتكوينه، ولن أكون قاسيا عليهم بالقول إنهم كانوا إمتدادا للفرنسيين.
إنه كان من الطبيعي أن يتولوا الأمور إذاك، بقانون الموضوعية، لأنه لا يوجد غيرهم، ولا شك أن الشعب كان يرى أن الدولة مفروضة عليه من الخارج، فما كان موجودا هو القبائل والفوضى، وكانت هناك إمارات تمارس قدرا من السلطة، كان قطعا ضروريا للتوازن، لكنه لم يكن يؤدي جميع وظائف الدولة، لذا حين ذهب المستعمر وحلّ هؤلاء مكانه، كان الناس يرون أن رجال الدولة إذ ذاك، مجرد أغصان نبتت من شجرة المستعمر(أنكري النصارة)، بعدما إجتثت، وفي هذا قساوة.
الجيل الأول فعل ما يستطيع ،وكان على قدر المسؤولية الصعبة، فأدخل ما يستطيع من إصلاحات، رغم أنه لم يكن هو نفسه يتصور إمكان هذه الإصلاحات، والشعب كان في طور إستثنائي، يجعلنا لا نحاسبه.
وأنا عندي نظرة، وهي إعتبار الواقع سلّم لفهم أي قضية، وقد قال لينين، إن "الواقع عنيد".
الفرنسيون، كانوا موجودين، والأنظمة الأولى حاولت أن تقرّب الدولة من الشعب، لتكون حكومة وطنية، تمثّل الشعب، وتخدم الشعب .. وهذا فهمه صعب، وما أؤكده هو أن الحكومة الأولى قامت بإنجازات لا يمكننا إلا أن نقول إنها وطنية.

بالنسبة لسلوك التحايل تجاه الدولة، هل هو إمتداد للتحايل على الفرنسيين، الذي كان الفقهاء يبررونه، فالإتاوات التي كان النصارى يفرضونها كان يتم التحايل عليها، ولما جاءت الدولة الوطنية قوبلت بشيئ من هذا التحايل الإداري، على إعتبار أنها إمتداد للمستعمر ؟

محمد فال: ما قلته صحيح، إن الإيمان بالدولة، وكون المواطن صالحا محصنا يساند المنتخب الوطني، ويعرف العلم الوطني، لم يكن الناس إذاك متساوين في إستيعابه، ولم يكونوا يقومون به ،ولا مستعدّين له، غير أن علينا أن نفهم أن التحايل على الدولة قديم، فالرّاعي النميري يقول "أخذوا الحوار من الفصيل غلبة قسرا"، ويكتب للأمير أفيلا، هذا نفس الشيئ، يقول أن جامع الصدقة يأخذ منهم حوارا، ويكتب للأمير أنه أخذ أفيلا، وهو دون ذلك.
إن من سلوك المواطن، أيا كان، الإحتيال على الدولة، وهو أمر طبيعي، وليس ضعفا في الضمائر المهنية، وإنما هو ضعف في البشر، ليس أكثر، هذا ما أعتقده، وقطعا غياب الدولة أصلا كمؤسسة في حياة المجتمع البدوي، لعب دورا كبيرا في إنهيار الضمير المهني.
إلا أني قلت لك أيض،ا أنه راجع إلى طبيعة في الإنسان، وخصوصا البدوي، وضربت لك مثالا ببيت الراعي، في قصيدة يمدح بها أحد الخلفاء الأمويين.

mederdratoday@gmail.com
الأديب محمد فال ولد عبد اللطيف
في مقابلة مع موقع الأخبار

هو كاتب من طراز نادر، يجمع بين الأسلوب النثري العباسي، والأسلوب الصحفي الحديث، وحين تقرأ له، تحار هل أنت تقرأ نثريات الجاحظ، أم تقرأ في أعمدة النقد الإجتماعي في صحف الصباح.

وفي كل ما يكتب، فإن محمد فال ولد عبد اللطيف يستصحب النكتة، ويعبر بها إلى قول "ما لا يقال" ، مخادعا مقص الرقيب حينا، ومناورا الأسلوب المباشر أحيانا أخرى.

كتب محمد فال عن الإختلاس الإداري مقالا بعنوان "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت"، ومن عادة ولد عبد اللطيف في عناوينه أن تكون مغرية بالقراءة، إما بالإقتباس، أو بالإيحاء.

محمد فال ولد عبد اللطيف، كانت له جهود في المحاولات الأولى لإقامة رابطة الأدباء الموريتانيين، ونشر عدة مؤلفات، شعرا ونثرا، وهو مع ذلك إداري، تقلّد وظائف سامية في عدد من الوزارات، وعمل مستشارا لرؤساء حكومات متعاقبين.

محمد فال ولد عبد اللطيف، من مواليد المذرذرة سنة 1952 درس الإبتدائية في مدرسة "انيفرار"، والإعدادية في "روصو"، والثانوية في نواكشوط، ودرس في المحظرة موازاة مع دراسته النظامية، ليلتحق بالمدرسة الوطنية للإدارة سنة 1974 ويتخرج منها سنة 75 ملحقا إداريا.

التجربة المهنية:
75 - 78 حاكما وواليا
عاد إلى المدرسة الوطنية للإدارة مجددا 79 -81 وتخرج إداريا من السلك المالي 81 إلى 92
تقلّب في وظائف عليا في وزارة الداخلية 92 – 98
مستشار بالوزارة الأولى مكلفا بالشؤون المالية 83 إلي 98
مستشار في المحكمة العليا الغرفة الادارية 98 إلي 2002
أمين عام وزارة العدل 2002 إلي 2008
مستشار مكلف بالمالية بالوزارة الأولى 2009
مستشار مكلف بالشؤون العقارية في وزارة الداخلية

التجربة الأدبية:
عضو إتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين
ديوان جذاذات طبع 2007
كتاب عيبة الشتيت طبع 2008
كاتب في جريدة الشعب منذ 1986
شرح شمائل النبي صلى الله عليه وسلم لببها ولد أحمد العاقل

لديه كتب غير مطبوعة منها:
إنضاء المطية لتحصيل الطية في المضاف والمنسوب في الثقافة الشنقيطية
ديوان حمر النعم
مجموعة مدائح نبوية

mederdratoday@gmail.com