يكتب للمذرذرة اليوم
من هم الصنّاع ؟
الصناعة تعني تحويل الشيء غير المفيد إلى مفيد، بمعني إنتاج منتوج يساعد في الحياة البشرية، وهذا التحويل يتطلب يدًا تقوم بعملية التحويل (التصنيع)، ومادة أولية، وهذه اليد المصنّعة هي يد الصانع التقليدي.
إذا الصانع هو ذلك الشخص الذي يقوم بعملية التحويل أي (التصنيع)، والصنعة (الصناعة) أيا كان نوعها في المجتمعات القديمة لا يمتهنها إلا أصحاب الذكاء والفطنة والتركيز.
وفي المجتمعات الحديثة لايمتهنها غير المتفوقين في الدراسات العلمية المعقّدة، كالرياضيات والفيزياء والكيمياء .. الخ.
وهذا يعني أن الصناعة في أي مجتمع لا تمتهن إلا من طرف من لديهم الكفاءة اللازمة لذلك، حتى أنها أصبحت في أكثر المجتمعات العربية ملصقة بالثراء والمكانة الإجتماعية المرموقة، وهذا راجع إلى ذلك الدور المحوري للصانع التقليدي، فالصانع محترم لأنه يخدم مجتمعه بمجهوده الفكري والعقلي وبعضلاته، حتى يوفر له كل متطلباته اليومية الضرورية، لهذا أصبح إلصاقها بالشخص نوعا من التبجيل والتقدير له من طرف باقي المجتمع ( يا معلمي، يا ما امعلم).
أما في مجتمعنا فالوضعية معكوسة رأسا على عقب، والأمر راجع حسب رأيي إلى أن هذا المجتمع يكره بل يمقت ممارسة المهن التي تتطلب مجهودا عضليا، بإعتبارها أعمالا لا يمارسها إلا المغلوبون على أمرهم أو الضعفاء الذين لا حيلة لهم، وبالتالي يكون الممارس لهذا النوع من المهن يعتبر شخصا ممقوتا أو غير مرغوب فيه، وهذه الظاهرة لم تكن موجودة في المجتمعات العربية ولا البربرية التي ينتمي الصانع إليها عرقيا، إنما تجسّدت وتوطدت نتيجة لذلك الإحتكاك الحضاري الذي شهدته منطقتنا مع الزنوج الأفارقة، الذين كانوا ومازالوا من أشد الممارسين للتمييز العرقي ضد شرائحهم الإجتماعية الضعيفة، إذ بلغ بهم الأمر إلى أنهم لا يجلسون معهم على فراش واحد، ولا يأكلون معهم في إناء واحد، ولا يدفنون موتاهم مع موتاهم في مقابرهم، بل يدفنون في مقابر خاصة بهم، حتى إنهم شأموهم وذهبوا بهم إلى أبعد من ذلك، الشيء الذي تأثّر به مجتمعنا البيظاني، وجسّده على أرض الواقع، ودافع عنه بإستماتة، بإعتباره من أهم العوامل المساعدة في علو المكانة الإجتماعية.
فعلو المكانة الإجتماعية لا يمكن أن يتحقق أو يتبلور إلا إذا كانت هنالك شرائح من المجتمع أخرى مصنفة على أنها الأقل شأنا من غيرها، وموضوعة في منزلة إجتماعية متأخرة، حتى تكتمل صورة المجتمع الطبقي، وهذا من وجهة النظر الموضوعية والإنسانية تجن وظلم لا مبرر له على الإطلاق، ومسؤولية تاريخية يتحمّلها المدافعون عن هذا التمييز والمكرّسون له والساكتون عليه .. خاصة أنه يستهدف شرائح كرّست حياتها المهنية خدمة لهذا المجتمع، وهذا ما قد يفسر تلك الهجرات المتتالية عن تلك المهن من طرف أسر كثيرة من الصنّاع والتوجه إلى تخصصات أخرى أكثر قبولا وأكثر إحتراما لدى المجتمع، حيث أنك تجد أن بعض أسر الصناع الممارسين لهذه المهنة أدركوا ومنذ البداية، أن هذه المهنة الممارسة من طرفهم قد جلبت لهم العار والإحتقار، وقرروا التخلي عنها، واستبدلوها بمهن أكثر قبولا لدى المجتمع، ونجحوا في ذلك، وهم الآن قبائل من التركيبة الإجتماعية، يتمتعون بكل صلاحيات المجتمع، ولا يوجد فرق بينهم وباقي المجتمع، والأمثلة كثيرة على ذلك.
المسألة معقّدة وصعبة وتتطلب التضحيات، ولكنها الخيار الوحيد للإندماج مع المكونات الأخرى للمجتمع، فالمجتمع يرفض التزاوج مع هذه الفئة من الشرائح، الممارسين لهذا النوع من المهن .. والتخلي عن هذا النوع من المهن يعني التخلي عن هذه الشريحة وبالتالي تلاشيها تدريجيا وإلى الأبد.
ومع مرور الزمن الذي قد يطول .. سيحدث الإندماج النهائي، وتنتهي الفوارق الإجتماعية، خاصة أن الأرضية صالحة، فالمجتمع في تطور دائم، والعادات والتقاليد الماضية، بادئة في الإنحسار والإندثار، ناهيك عن أن العولمة اليوم لم تعد تقبل هذا النوع من الممارسات القديمة، بل تجرّمه في الكثير من الأحيان.
mederdratoday@gmail.com
هناك 5 تعليقات:
شكرا للمذرذرة اليوم على الإهتمام بمختلف شرائح المجتمع
أرى أنه موضوع يستحق التأمل والنقاش وأتنمى أن يثريه معلقوا المذرذرة اليوم المتميزون أمثال ولد إمسيكه وولد المذرذرة وولد التاكلالت ومتابع ..
والله ي لمعلمين الل شريحة مهمة ا والله الل مهضومين حقوقهم أ والله الل مهمشين او الله الل اذكياء او الله ي اهل بومبيرد الل فيهم اهل القرءان و الناس الل تعرف ش يغير محمدفال اطول عمرك الرواي الا اطوالت تنشعب هاذ فت انشرتو مرات اشافتو الناس في الانترنت والجرايد كافي لا يندحس الناس كاع واتعود النتيجة عكسية
كما يقال ما ضاع حق ورائه طالب لذا نشكر الأ خ محمد فال على حمل هم هذه الشريحة والدفاع عن حقوقها والذي يجب أن يكون هم كل وطني مخلص حتى تسود العدالة الإجتماعية وحتى تكون عوامل ترقي الفرد في سلم هذا المجتمع بمقدار تمسكه بدينه وخدمته لمجتمعه لاغير.
لا أفهم لماذا محمد فال يحاول أن يلقي باللائمة على الزنوج فيما صار عليه وضع هذه الطبقة ويتجاهل أن المجتمعات العربية والبربرية هي أكثرها طبقيه بالرغم من أنها لا تفصل بين الموتى ولكنها تفصل بين الأحياء!!! الفرق فقط بين امعلمين مورتانيا والآخرين هو أنهم في مورتانيا أكثر عبقرية من غيرهم فمثلا في العالم العربي تجد الحدادين والنجارين والدباغين والسباكين وصائغي الفضة والذهب كلهم وحده ولا أحد منهم يمكنه أن يحل محل الآخر أما في مورتانيا فالصانع يقوم بكل هذه الأدوار وبكل بساطة زيادة على كونه فالغالب أديبا !!!
على كل حال على هذه الطبقة أن تأخذ حقها لنفسها وتدافع عن مكانتها اللائقة بها !!!! وكماقال jean YANNE:Les hommes naissent libres et égaux en droit. Après ils se démerdent.!!!!!lol
ان شريحة الصناع التقلديين مظلومة
إرسال تعليق