هزمنا شر هزيمة ... لقد هزمنا كمعارضين أو كمنافسين هزيمة لا لبس فيها ... لقد كانت سلسلة هزائم تلك التي ألحقها محمد ولد عبد العزيز بخصومه السياسيين وحلفائه السابقين.لقد كانت الهزيمة الأولى عندما جر ولد عبد العزيز معارضيه ـ بعد سنة من استغلال الدولة والدعاية ضدهم ـ إلى معركة أسبوعين لا يملكون فيها أبسط مقومات المشاركة فبالأحرى المنافسة أو الانتصار.لقد جمع عزيز بين إمكانيات السلطة وخطاب المعارضة التقليدي فاستخدم هذا الخطاب بمهارة و"شعبوية" جعلت الغوغاء والدهماء وعامة الناس يفهمونه بل وينجذبون إليه. فالفساد والتطبيع والفقر هي أهم ركائز هذا الخطاب. فيما لجأ المعارضون إلى الدفاع عن أنفسهم والانشغال بنظريات الصراع الديمقراطي كما لو كانوا يخاطبون سكان السويد أو كندا.
لقد وفق عزيز بتقديم نفسه (كتغيير حقيقي) يختلف عن الأنظمة السابقة وخاصة نظام معاوية في حين كانت صور الأخير ترفع في مهرجانات معارضة شردها ونكل بها. لقد تخلت المعارضة عن موقعها وعن خطابها وعن بعضها البعض طمعا في السلطة واستدرار لعطف رجال أعمال طالما حاصروها ومولوا خصومها فتخلى عنها جمهورها بكل بساطة وبسرعة البرق.ليست هزيمة المعارضة اليوم نتيجة لغياب الوعي ـ رغم غياب الوعي ـ فمراكز الوعي أي انواكشوط وانواذيبو اترارزه تقدم فيها عزيز على من ملكوا ولاء هذه المناطق عشرات السنين، إنما جاءت هذه الهزيمة نتيجة ل :
لقد وفق عزيز بتقديم نفسه (كتغيير حقيقي) يختلف عن الأنظمة السابقة وخاصة نظام معاوية في حين كانت صور الأخير ترفع في مهرجانات معارضة شردها ونكل بها. لقد تخلت المعارضة عن موقعها وعن خطابها وعن بعضها البعض طمعا في السلطة واستدرار لعطف رجال أعمال طالما حاصروها ومولوا خصومها فتخلى عنها جمهورها بكل بساطة وبسرعة البرق.ليست هزيمة المعارضة اليوم نتيجة لغياب الوعي ـ رغم غياب الوعي ـ فمراكز الوعي أي انواكشوط وانواذيبو اترارزه تقدم فيها عزيز على من ملكوا ولاء هذه المناطق عشرات السنين، إنما جاءت هذه الهزيمة نتيجة ل :
أولا: سوء تقدير المعارضة إذ ظنت أن بإمكانها هزيمة نظام تغلغل في الطبقات الفقيرة والجاهلة وهي قرابة الثلثين من المواطنين.
ثانيا: سوء أدائها حيث كان التركيز على الإعلام وعلى الخطابات النظرية الجوفاء وعلى الدفاع عن النفس ثم الانشغال بالمهرجانات الصورية بدل النزول إلى الأرياف و"آدوابه" وإلى الأعماق.
ثالثا: الانحراف عن مسارها حيث نالت نصيبا وحظا كبيرا من رموز الفساد الذين قدمت لهم صكا أبيضا لمجرد التحاقهم بركب الطامعين بالسلطة والطامحين إليها أو المطرودين من طرف العسكر.
رابعا : عدم كافئ الفرص بين من يملك دولة وقام بحملة دعائية طيلة سنة ومن هو قادم من تحت ظلال مسيلات الدموع أو من المنفى أو السجن.
لقد فشلت المعارضة في ممارسة التغيير أو التناوب في أحزابها وقياداتها (حزب واحد منها يحدد ولايتين لرئيسه "تواصل" !!) فكانت ثمة شخصيات خلقت لتترشح ثم لتهزم فلا مجال لفسح المجال لأي جديد.إن هذه الانتخابات أظهرت صدق ما كان يعتقده الكثيرون أن ولد الطايع لو وفق في تنظيم انتخابات شفافة ولو من حيث الشكل لانتصر فيها بأكثر من الثلثين وذلك نتيجة تبعية هذا الشعب لكل قادم من المخزن ولسوء أداء المعارضة ولغياب الوعي. وهي موجات استطاع عزيز ركوبها بجدارة.
إن هزيمة أحزاب عريقة وكبيرة وتيارات عريضة ونشطة وسياسيين كبار ورجال أعمال أثرياء وحتى تحالفات قبيلة جدية وقوية أمام ضابط مقال ومستقال إنما تدل على أن هذه المعارضة بحاجة إلى مراجعة برامجها ومواقفها وخطاباتها وتغيير قياداتها (ذلك المحظور يجب أن يقع).
لقد بدأت صناعة الهزيمة من طرف رئيس البرلمان مسعود ولد بلخير عندما انشق عن حلفائه قبل سنتين مقدما مصالح حزبية ضيقة على مصلحة البلد ومبايعا لمرشح العسكر المصطنع. بعد ذلك جاء دور اليساريين (تقدم) والإسلاميين (تواصل) ليشاركوا بكل شغف في حكومة مطبعة يحتل رموز الفساد فيها نصيبا كبيرا. ثم تمت صناعة الهزيمة عندما جلس زعيم "المعارضة" بكل حماس واندفاع أمام ملايين المشاهدين في أكبر قناة عربية ليعلن أن أوقح انقلاب "إنما كان حركة تصحيحة... هكذا نسميه" كما قال ولد داداه. ثم جاء دور صقر "التغيير" ولد حننه ليشارك في أول حكومة في تاريخ حزبه (حكومة انقلابية محاصرة يقودها جنرال ولا يمنحها حق التعبير!) ثم صار ابراهيما ...الخلقد استخدم عزيز المال عامه وخاصه كما استخدم الدولة عزلا وتولية وسيطر على الإدارة والمؤسسات العامة وأجهزة الأمن والجيش مما منحه فرصة لن تتاح لأحد ويفرط فيها ...لكن المعارضة قبلت الأمر الواقع وشرّعت غير المشرع ودخلت في معركة محسومة النتائج سلفا.أما اليوم وقد كان ما كان فلم يبق لدى المعارضة غير الورقة الأخيرة أي الاعتراف بهذه النتائج رغم ما شابها ـ لأنهم قبلوه وشرعوه وشاركوا فيه بل ومارسوه ـ ليمنحوا فرصة لمن اختاره جل هذا الشعب فعدم الاعتراف إنما يؤدي إلى تشويه هذه التجربة أولا ثم زعزعة الأمن ثانيا وهو ما لا يسمح به وضع البلد الهش أمنيا والضعيف اقتصاديا والمشتت اجتماعيا...وما تجربة إيران منا ببعيد.
أما ولد عبد العزيز فيجب عليه الركون إلى الحكمة والتعقل ـ ولو تطبعا ـ والتخلي عن خطابات المواجهة وأسلوبها والبعد عن تصفية الحسابات والإقصاء فمن يريد أن يقود الجميع ينبغي أن يعامل الجميع بالمساواة وبالاحترام والحلم ، كما ينبغي أن يشرك الجميع لأن البلد بحاجة إلى الجميع والجميع بحاجة إلى البلد. أما مناصريه وخاصة طبقة التملق منهم ودعاة العصبية فيجب عليهم أن يبتعدوا عن استفزاز الخصوم وعن إفساد الرجل بالإطراء والمديح والتأليه حتى يمكنه أن يقوم ببعض ما التزم به لفقراء انتخبوه هم بحاجة إلى من يطعمهم ويكسيهم ولجهلاء انتخبوه هم بحاجة إلى من يعلمهم ويهذبهم.
محمد الأمين ولد سيد مولود
mederdratoday@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق