حطتْ بي الطائرة في العاصمة الاقتصادية للبرازيل ...، قذفني مطار سان باولو إلى شوارع تلك المدينة العملاقة التي لاتعرف النوم، مدينة مترامية الأطراف، حسنة التقاسيم، "لكن الفتى العربي فيها غريب الوجه واليد واللسان"، لكن غرابة الفتى العربي فيها لم تمنع أسامة بن لادن أن يلقي عصا التسيار فيها.
كان من أول الغرائب التي سمعت من سكان سان باولو أن بن لادن يسكن متشردا بين ظهرانيهم وفي إحدى ساحاتهم العمومية، في ساحة القديس "س"، فكدت أصعق! بن لادن بشحمه ولحمه، بلونه الآدم ولحيته الكثة وقامته الفرعاء، وليس هذا فقط، بل ومعه مساعده الأول أيمن الظواهري، وعندما لاحظ القوم أني لم أستوعب القصة أعطوني العنوان، وقررت مقابلة بن لادن في العاصمة الاقتصادية للبرازيل، حرصا على السبق الصحفي ... حاول مراسل إحدى القنوات العربية، الذي سبق وأن رأى الرجل أن يأخذني إليه، إلا أننا لم نتمكن من ذلك نظرا لأنني كنت على جناح سفر، وكان "بن لادن" في ذلك اليوم قد ذهب للمشاركة في بعض الأنشطة، وخلت منه ساحة القديس س، "بن لادن البرازيلي" عبارة عن رجل متشرد، إختار لنفسه هذا الاسم، وحافظ على مظهر بن لادن الأصلي، فهو يحرص على أن تظل لحيته بنفس الحجم، وعمامته مكورة فوق رأسه كأنها خيمة نجدية مضروبة في أميركا اللاتينية، بعيدا عن صبا نجد، ولم يكتف الرجل بذلك، بل إتخذ له خليلا، حاول هو الآخر أن يترك أثرا في جبهته حتى يكون نسخة من الظواهري !
يسكن "بن لادن البرازيلي" ورفيقه أيمن في ساحة تقع وسط سان باولو، ويعرفه كثير من البرازليين، لأنه كثيرا ما يحضر الأنشطة الثقافية والسياسية، ويحرص على أن ينادى "بن لادن !" أمام عدسات التلفزيونات كلما سنحت له الفرصة.
أليس من نكد الدنيا أن تظل أميركا تطارد خيوط الدخان في أفغانستان، بينما يعيش الرجل قرير العين هانيها، وسط سان باولو، وعن يمينه مرافقه أيمن، وعن يساره فتيات البرازيل، يشربن الشامبا ويغنين على أنغام الصامبا ؟!
أحمد فال ولد الدين
mederdratoday@gmail.com