الأحد، 26 سبتمبر 2010

خواطر على طريق الوفاء

لم يتغير الكثير من معالم المشهد اليومي، في تلك القرية الصغيرة التي غادرها منذ خمس سنوات .. بدأت هذه الحقيقة تتأكد لصاحبنا حتى وهو ما يزال في محطة النقل بالعاصمة؛ نفس الوجوه والشخوص ونمط التعامل الذي اعتاده خلال سفراته العديدة بين قريته الأم والعاصمة، بضع سيارات متهالكة فعل فيها تعاقب الغدو والرواح على الطريق الترابي فعله، … جل السائقين أميون احترفوا المهنة صدفة أو كمخرج من أزمة البطالة المستشرية في صفوف شباب القرية كغيرها من حواضر موريتانيا.
إختار صاحبنا مقعده في مقدمة اللاندكريزر، عن يسار فتاة سمراء، إكتشف لاحقا أنها تنتمي لواحدة من أعرق عائلات قريته، وكان السائق منهمكا في توضيب نظاراته السوداء، وشرب سجائر الكونكرس، والإستياك أحيانا بعود إثل طري، دون أن يكلّف نفسه عناء تلطيف الجو بنكتة أو حكاية يسوقها لركابه، يستميلهم بها كزبناء دائمين.
أما الفتاة الواثقة من نفسها -وربما من مكانتها الإجتماعية المرموقة- فهي أبخل بالكلمات من سائقنا الذي كان يضع ساعتين في معصمه الأيسر.
بدا الطريق المعبّد بين نواكشوط وتكند طويلا ومملا، لم تقطع رتابته سوى تلك التجمعات المتفاوتة في حجمها والمتناثرة على جنباته، بعضها يحمل أسماء عريقة كأكفرده - بوجمه - التويرجه … وأغلبها إكتسب تسمياته من طول المسافة التي تفصله عن العاصمة كالكلم 35، 48، 65 …بعض المواضع على هذا الطريق لها بعد تاريخي خاص؛ مثل مقبرة ترتلاس، الوقعة الشهيرة بين الزوايا والمغافرة (ق 11هـ / 17م) التي استشهد ودفن بها الإمام ناصر الدين مع عدد من صحبه، وعند ترتلاس كذلك قبر الأمير خفير السفن عاليت بن المختار بن أعمر بن أعل شنظورة التروزي.
وفي مؤخرة اللاندكريزر إنتظمت شبكة علاقات لمجتمع صغير، أملتها ربما ضرورة التقارب الجسدي في مساحة ضيقة، مجتمع القرية في صورة مصغرة؛ تاجر قطاعي قصد العاصمة ليعود ببضاعة متنوعة، سيدة كانت في رحلة إستشفاء رفقة وليدها، شباب عائدون إلى موطنهم في عطلة نهاية الأسبوع، والمؤكد أن ركاب مؤخرة اللاندكريزر كانوا أكثر أريحية من رفيقي صاحبنا في المقدمة، إذ تناهت إلى سمعه أصوات ضحكاتهم عدة مرات، ربما لأنهم في فضاء مكشوف ومفتوح على الأفق الرحب، في ذلك المساء الآفطوطي اللطيف، وقد يخيل إلى بعضهم -وهم قريبوا عهد بالبداوة- أنه على ظهر جمل يقطع به سهل آفطوط الساحلي، فينشرح صدره وتتهلل أسارير وجهه، على عكس الركاب المحشورين في صندوق المقدمة، الذي يشبه زنزانة سجن ضيقة، لم يخلصهم منها -ولو إلى حين- إلا ظهور قرية تكند الوادعة بمحلاتها وبيوتها المتواضعة.
ومن تكند ينطلق طريق ترابي بطول 48 كلم، أطلق عليه سياسيوا المذرذرة ذات يوم إسم طريق الوفاء، ربما تفاؤلا، وهم على كل حال يسلكونه دوريا وفاء للصنكة.

سليمان ولد حامدن

Tel 2240979

هناك 20 تعليقًا:

  1. غير معرف26 سبتمبر, 2010

    هذ الخواطر امضيعته اخصارت الطريك المعدل اعليه اكبيل تكرد بيه اطريك اخر

    ردحذف
  2. غير معرف26 سبتمبر, 2010

    لطيف

    ردحذف
  3. غير معرف26 سبتمبر, 2010

    الفتاة كاع اشبينك امعاها ؟

    ردحذف
  4. غير معرف26 سبتمبر, 2010

    الفتاة السمراء اخبا ره ماجا ت
    كا مله كول اعكا ب الخواطر اسلمك

    ردحذف
  5. غير معرف26 سبتمبر, 2010

    مقال مدغوه لعجول ياهل المذرذرة

    ردحذف
  6. غير معرف26 سبتمبر, 2010

    مقال مدغوه لعجول جيبو ش اجديد

    ردحذف
  7. غير معرف26 سبتمبر, 2010

    قطعا عنك اطويت التراب يا أبا حامد المسافه اكصارت عاكبن.

    ردحذف
  8. غير معرف26 سبتمبر, 2010

    il y de la littérature dans ce que vous avez écrit. j'ai essayé par curiosité de savoir de quel village vous etês originaire et je n'ai pas pu.

    ردحذف
  9. غير معرف26 سبتمبر, 2010

    مقال رائع يحس القارئ من اهل الصنكة فيه بالمتعة التي كان يعيشها المسافر الي المدينة عبر سيارات النقل لكن الاشارة الي ناصر الدين كشهيد ودون ان نجعل ذالك بين مزدوجتين يحمل النص دلالات اخرى نحن الان في غنى عنها

    ردحذف
  10. عمل أدبي ممتع .. لولا الفتاة وتوقف القصة عند تكند ..

    هل معنى ذلك أن الأدب يقف عند تكند ؟ أم اشتغلت بشراء الخبز والنعناع ؟

    ردحذف
  11. غير معرف27 سبتمبر, 2010

    qui est ce Souleymane, une reponse SVP ?

    ردحذف
  12. عندو لخبار27 سبتمبر, 2010

    سليمان ولد حامدن شاب من أهل المذرذرة من قبيلة أولاد باركللّ متخرج من تونس ويعمل أستاذ جامعي

    ردحذف
  13. غير معرف27 سبتمبر, 2010

    Merci pour l'information mais est ce que c'est Hamidoun de Ehil Mahandbaba ou un autre hamidoune je ne suis pas imbehlel

    ردحذف
  14. سبقني الأخ ديلول لما كنت أريد قوله وحبذا لو كان للقصة جزء ثاني أو ثالث يكون فيه المطر ووصف للمراعي و معالم الطريق الرملي بين الجديدة والمذرذرة دون ذكر حالة الطريق السيء حيث أن ذلك معروف ولا أمل ولا وفاء في تغييره

    ردحذف
  15. غير معرف27 سبتمبر, 2010

    حامدن شكرا لك هذا المقال الرائع واتمني لو حكيت لنا عن بقية المسافة مابين تكند المذرذرة و عن (تنكاز ) الحرطانية امنين نكزت عموما انت كاتب واديب واحد ابناء الصنك الأوفباء ونرجوا ان يتواصل عطاؤك الادبي

    ردحذف
  16. غير معرف27 سبتمبر, 2010

    j'estime bien ce genre d'écrits qui fait référence au clocher et qui fait le lien entre le passé et le présent de nos si beaux villages de l'Iguidi

    ردحذف
  17. غير معرف27 سبتمبر, 2010

    Mederdra Elyewm,

    C'est du rechauffé.
    cet article, je l'ai lu sur l'historique de votre blog.

    Entoumé tbanou mverghin, hag

    ردحذف
  18. غير معرف27 سبتمبر, 2010

    تم اركب 190 اياك يزيانو خواطرك

    ردحذف
  19. غير معرف30 سبتمبر, 2010

    الراجل شيكون من المختار ولد حامد ؟

    ردحذف
  20. غير معرف30 سبتمبر, 2010

    ملاحظات علي الخاطرة

    - شوفير اثرو مااثلث؟ لعاد ما اثلث اثرو ماه من شوفيرات المذرذرة

    - هي الفتاة عن يسارك معناها عنه كعدت بينك امع شوفير ، ما اديروه في الطرف ولل متراظعه امعاكم لثنين؟

    - شوفيرات ماهم اميين كاملين ذاك ما ينكال لا تفكعهم اعلين لا ازيدو اباص

    - البصرات الكحل معروفين شوفيرات الل اديروهم

    ردحذف