الثلاثاء، 10 أغسطس 2010

الدكتور محمد الحافظ ولد اكاه
في مقابلة خاصة (2)


للوالدين دور أساسي في التنشئة الخاصة للفرد، كيف تنظر إلى ذلك الأثر في شخصيتكم، خصوصا أنكم سليل أسرة عالمة ؟

ولد اكاه: رحم الله والدي كما ربياني صغيرا، وجزاهما الله عني كل خير، والمفترض أن لوالدي علي تأثيرا، وأنا أستحي من قول ذلك، لأنني وبكل صراحة ألمس كثيرا من البعد عن سلوكهما في سلوكي.
وبالنسبة لوالدي رحمه الله فقد ميّزه الله تعالى بأن جعل هواه تبعا لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه شهادتي أمام الله، وقد كان مميزا .. فقد نشأت وأنا صبي، أرى الشباب يضحكون منه، ويخافونه أيضا، باعتباره من يمارس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة والموعظة.
وأعتقد أن الأستاذ سيدنا عمر بن العتيق وفق في رثاء الوالد في قوله
ألهم الرشد وهو في غرة العمر
فلم يعمل غير محض الصواب.
وكان حريصا على العلم والتعلّم، وكان ذا سمت خاص .. كثير القيام، سريعا إلى خدمة الناس بكل الوسائل، وينتظر أن يكون لتوجيهاته أثر في شخصيتي، وأنا أتعجّب من بعد البون بين سلوكي وسلوكه، يقال إنني أشبهه شكلا – وهذا صحيح – وأذكر أنني كنت ضمن الأشقاء معه في مجلس في أيامه الأخيرة، فقالوا له ادع الله لنا فدعا للمسلمين بإجمال،ف قالوا له: خصنا بدعوة، فقال: ماذا تريدون بخير لا يشارككم فيه المسلمون ؟!
وحدّثني الشيخ محمد الحسن ولد الددو أنه التقاه أول مرة ولم يكن يعرفه قبل ذلك، لكنه عرفه بالقافة والسمت الذي بيننا، فجاءه وسلم عليه، وقال الشيخ كنت أريد أن يدعو الله للمسلمين ولم أخبره بذلك، فإذا هو يدعو لهم، كما لو كنت سألته ذلك.


إنتقلتم إلى منطقة كيفه .. حيث درستم القرآن .. هل كان هذا الانتقال طبيعيا ؟

ولد اكاه: لم يكن طبيعيا – ونحن كنا في تلك الفترة في منطقة لبرا كنه – كان للوالد تلاميذ في منطقة كيفه وهو يسميهم الأهل والإخوان، وتركني عند شيخ فاضل من أبناء عمومتنا في تلك المنطقة، وهو الشيخ محمدو بمب ولد باب، وقد استفدت منه ومن الطلبة الكبار الذين يدرسون هنالك، ولأن شيخي لا يحمل الإجازة، وهو قد درس علوم القرآن.
وشاء الله أنني أتممت الرسم قبل إتمام القرآن، وأن أقوم بما يسمى "السلكة"، وهي أن الولد إذا أتم القرآن وحفظه عن ظهر قلب يكتبه من جديد في اللوح وتنقّح كتابته من الناحية الرسمية والضبطية .. هل هي سليمة .. وهذا ما يسمى "بالشكارة"، ومنّ الله علي أن قمت بهذا العمل وأنا في "الذهابة" أي قبل إكمال القرآن، وأن أكتب وفق الرسم والضبط، وأخذت الإجازة بعد ذلك على الشيخ محمد الأمين ولد عبدي، أحد تلاميذة خاله العلامة أباه ولد محمد الأمين.
وفي تلك المحظرة أخذت مبادئ من الفقه، وأشياء من هذا القبيل، من بينها التآليف الصغيرة .. كالأخضري الذي قرأته بشرح الشيخ حماه الله على نظمه له، وابن عاشر والرسالة، وحضرت تدريس كثير من أبواب الشيخ خليل، السفر تقريبا وكثيرا من أبواب الباب، قبل أن أعود إلى الأهل في نواكشوط، وأشارك في مسابقة معهد أبي تلميت الإسلامي سنة 1973 وقد اجتزت تلك المسابقة بالرتبة الثانية بحمد الله تعالى، وهنالك مكثت سنة في المعهد.

ماذا تتذكر من حياة المعهد في تلك الفترة ؟

ولد اكاه: كانت الجدّية السمة الغالبة في المعهد، وتميّز أيضا بأساتذته المتميزين، وأذكر منهم أستاذنا الكبير إسحاق بن محمد بن باب ولد الشيخ سيديا رحمه الله تعالى، ومحمد بن أحمد بن باب ولد الشيخ سيديا، والعلاّمة الورع الحيي أحمد بن مولود بن داداه، وقد كان رجلا بالغ الحياء والوقار، وكان إذا أراد الكتابة على السبّورة، لفّ درّاعته على ذراعه وزنده رحمه الله.
كان من بين الطلاب نابهون وشخصيات توزّعتها بعد ذلك مجالات الحياة المتعدّدة، ومن بينهم الدكتور الباحث يحي ولد البراء، والشاعر الكبير محمد الحافظ ولد أحمدو، وآخرين ..

ربما تذكرون بعض طرائف الحياة مع الطلاب حينئذ ؟

ولد اكاه: طبيعي جدا أن تكثر الطرائف في حياة الطلاب، وبالأخص طلاب المعاهد ذات السكن الداخلي، وأذكر ذات مرة وكان يدرّسنا الأدب رجل فاضل رحمه الله، وأجرى لنا اختبارا كتابيا، وجاءني أحد الزملاء وقال لي "لابد أن تساعدني وإلا رسبت .. فلم أنجز عملا معتبرا في اختبار الأدب، فذهبت معه إلى الأستاذ في منزله، واستقبلنا وبادرنا بالسؤال ماذا فعلتم مع الاختبار ؟ فأجبته: إذا كان ما حدثني به فلان ..أ عني زميلي صحيحا، فيعني أنه سيحصل على عشرين درجة، فقال لي هل أنت متأكد ؟ قلت نعم .. وفي صباح اليوم الموّالي، أعاد الأستاذ نتائج الامتحان ومنح درجة 20 لطالبين فقط أنا وزميلي المذكور، لكن زميلي انفجر ضاحكا من الموقف، وكان الأمر محرجا للأستاذ.

هل أكملت الدراسة في المعهد ؟

ولد اكاه: مكثت في المعهد سنة واحدة، وشاركت في مسابقة شهادة ختم الدروس الإعدادية، ونجحت متفوقا ودخلت الثانوية الوطنية، وبعد حصولي على الباكلوريا حصلت على منحة لدراسة الأدب والنقد في المغرب، أعتقد سنوات 1978-1980.

السراج + المذرذرة اليوم

mederdratoday@gmail.com
Tel 2240979

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق