لم يكن الخبر محزنا للوهلة الأولى .. فقد كنت أؤمن بالحكمة السنغالية التي تقول إن الناس جميعا سيموتون ولكن العجوز سيموت قطعا .. فقد كنت أردد كلما رأيت مكلومين يبكون على شيخ مسن غادر الدنيا، "أو كانوا يطمعون له بالخلود" ؟! وماذا تتنظر سيدة جاوزت التسعين، إلا زائر الموت، ومنادي القبر ؟!
ورغم ذلك انتزع مني الخبر ساعة من وجوم، ولحظة من حكمة، ردّدت فيها أنا لله وأنا إليه راجعون، ثم تصنّعت الحكمة، وردّدت بعض العبارات المعهودة التي نردّدها ونحن نشيّع الغادين، ونودّع الرائحين إلى قبورهم، ونعود منهم سكارى بخمرة أيّامنا، سريعة الانقضاء.
وما كانت تلك الأحدوثة الناعية لتتميز عن سابقاتها، مما وقر به السمع من أخبار الموتى وقصص السفر الحثيث إلى الآخرة، لولا أن شيخة من لداتها حدّثتني أن "المرحومة" أخذتها أحوال من الحزن قبل وفاتها بأيام وأخذت تتفحص وجوه العوّاد، وقسمات الزائرين، ثم تغمغم بكلمات حزينة، متباعدة، كأنما تخرج من سم خياط، ثم يسمع المتصنّت بعد لأي، اسم "بلال" يتردد، ثم يأخذها حال من البكاء، والنشيج الجريح، ثم تعود تتفحّص القادمين، وتسأل هل جاء بلال، ولم يزل السؤال الكليم عن بلال، والدمع السخين إثر بلال، يلحّان على المرحومة، حتى أسلمت الروح إلى بارئها، فخرجت مثقلة بأحزانها وآلامها، وذكرى بلال، متخففة من أعباء الدنيا، فلا مال سيتنازع عليه الأبناء، إذ لا أبناء ولا أحفاد إلا بلال .. تلك الذكرى الباكية والسؤال الحزين.
عرفتها منذ أكثر من عشرين سنة، في حي بسيط من أحياء العاصمة نواكشوط، أما هي فقد عرفت الحياة منذ تسعين سنة أو تزيد .. جالت بها في الترارزة القديمة، حيث كانت المراعي تمتد من أفياء المحيط قرب نواكشوط، متّجهة جنوبا، لتقطع عرض "برويت" كله، جائلة بين وهاده وكثبانه، وبين أحيائه ونزاله، لتصل إلى "لخشوم" جنوبا، قبل أن تنحرف شرقا وشمالا بإتجاه الخط، وروابي إكيدي.
عرفت تلك الأرض كما تعرف أصابعها التي نحتتها السنين والأيام، عرفت الرمل وجيرته، والبحر وأصدافه، والإنسان وقبيله وحلفه، وكانت شريطا متصل الأسانيد، لايحفظ متون الفقه ولا اللغة ولا الشعر، ولكن طبعت الأيام على صفحاته كثيرا من قصص الإنسان الترّوزي، وصراعه من أجل الحياة، وعلى هوامش ذلك الصراع سجّلت المرحومة طررا متواصلة من الحكم الساذجة، كانت مسجّلة مرقونة لأحلام وآمال الرعاة، وهواجس البائسين الذين يعيشون الحياة بشرف رغم صعوبتها، وحرصها على أن تمد لهم بيد عسراء، حبالا من المصائب، كان أقساها ما كان على شاكلة "ذكرى بلال".
بين تلك الأرض وذلك البشر، عاشت سنوات كثيرة، يوم كان النصارى يحكمون البلاد، ورغم ذلك لم تكن تنسى ذكريات جميلة، سمحت لها بنقر الطبل مرات أمام الأمير محمد فال ولد عمير، والأمير احبيب ولد أحمد سالم ولد ابراهيم السالم، وفوق ذلك لم تكن تنسى زغاريد أطلقتها كأجنحة العصافير الحالمة، ابتهاجا بمقدم الشيخ أحمدو ولد فتى، أو أحد أبناء لمرابط ولد متالي، وغيرهم ممن تذكرهم فتتعجب كيف اتسعت رئة الزمان لكل هؤلاء الأقطاب والأعلام.
عاشت سنين عديدة، وجاء الإستقلال، والنجمة والهلال، وتوالت الأيام، تمحو حقبة من شريط الذكريات، وتغرس الأخرى حروفها بقوة، تذكر يوم سحت الدمع السخين، يوم استقبلت الترارزة جثمان أميرها المهاجر محمد فال ولد عمير، ثم أسلمته إلى قبر كريم في رحاب "تندكسمّي"، حيث كان المختار ولد هدّار يود أن يقيم زمانا، حتى يقرأ "معالي الأمور ومكارم الأخلاق" .. ردّدت بتوحيد، وإيمان ساذج، أن زمانا لا يعتني بولد عمير، غير جدير بالإهتمام، وأن بطن الأرض وهو يحتوي جسد ولد عمير، خير من ظهرها الذي يروي كثيرا من مآثره الحسان.
هي منهي ؟ وهو منهو ؟
ردحذفtrès bien ecrit. fallait ns dire l'auteur
ردحذفLe rédacteur de cet article souffre d’une crise de paranoia ? Cet article est
ردحذفMorose et littérairement vide, cet article =conneries+charabia
هذه لغة قوية ورائعة ومتميزة،والمعلق الثالث لا يفقه شيئا
ردحذف
ردحذفLe rédacteur de cet article souffre d’une crise de paranoia ? Cet article est
Morose et littérairement vide, cet article =conneries+charabia
Non cet article n'est pas littérairement vide.
C'est plutôt de la bonne rédaction.
Mais c'est de la rédaction orientée pour vénérer une tribut ou des personnes restreintes!
Vive la propagande!