ولاية غير المسلم رئاسة الدولة
تشترط العديد من دساتير الدول العربية أن يكون رأس الدولة مسلما، وهو أمر يثير إشكالا حول المساواة السياسية بين المواطنين، والأهم من ذلك أنه يجعل أساس العقد الإجتماعي الذي تتأسس عليه الدولة الإسلامية المعاصرة ملتبسا.
وقد تتبعت جذور هذا الرأي في التراث السياسي الإسلامي، فوجدت أنه رأي فقهي مبني على مصلحة حقيقية في عصر الإمبراطوريات، حينما كان الناس على دين ملوكهم، لكنه ليس مبنيا على نص من الوحي الإسلامي .. والآية التي كثيرا ما يستشهد بها القائلون بهذا الرأي استشهادا متعسفا "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا" (سورة النساء، الآية 141) لا صلة لها بالموضوع، إذ هي تنتمي إلى الخطاب القدَري لا إلى الخطاب الشرعي.
ولو عاش فقهاؤنا المعاصرون في عصر الماوردي أو ابن تيمية لما أخذتُ عليهم الأخذ بهذا المذهب السياسي على أي حال، فديانة رأس الدولة في الإمبراطوريات القديمة هي التي تحدد ديانة الدولة والشعب.
ولو عاش فقهاؤنا المعاصرون في عصر الماوردي أو ابن تيمية لما أخذتُ عليهم الأخذ بهذا المذهب السياسي على أي حال، فديانة رأس الدولة في الإمبراطوريات القديمة هي التي تحدد ديانة الدولة والشعب.
لكننا لم نعد نعيش في عصر إمبراطوريات، ولم يعد من الخطر على الإسلام أن يكون رأس الدولة غير مسلم، لأن علاقة الدولة بالدين يحددها الدستور، لا عقيدة الرئيس أو ذوقه الشخصي.
والناس اليوم على دين دساتيرهم لا على دين ملوكهم، وليس ما حقق المصلحة في القديم بمحقق لها في عصرنا بالضرورة، بل إن العدل والمصلحة يكمنان اليوم في بناء دول ديمقراطية حرة يستوي فيها مواطنوها بغض النظر عن المعتقد والعرق.
ومن المؤسف أن الفكر السياسي الإسلامي المعاصر لم يحسم هذا الأمر حتى الآن، رغم المحاولات الخجولة هنا وهناك، وإليكم الأمثلة:
أولا: كتب الإمام الشهيد حسن البنا في (رسالة التعاليم) المطبوعة ضمن مجموعة رسائله "والحكومة إسلامية ما كان أعضاؤها مسلمين مؤدين لفرائض الإسلام، غير مجاهرين بعصيان، وكانت منفذة لأحكام الإسلام وتعاليمه، ولا بأس أن نستعين بغير المسلمين عند الضرورة، في غير مناصب الولاية العامة".
ونسي الإمام البنا أن المواطن غير المسلم ليس عنصرا خارجيا غريبا يستعان به "عند الضرورة" فقط، بل هو عضو مؤسس في العقد الإجتماعي الذي تقوم عليه الدولة المعاصرة، وشريك أصيل في بنائها، وهي ليست دولة فتوح ينقسم مواطنوها إلى فاتح منتصر ومغلوب خانع، كما كان الحال في الماضي.
ونسي الإمام البنا أن المواطن غير المسلم ليس عنصرا خارجيا غريبا يستعان به "عند الضرورة" فقط، بل هو عضو مؤسس في العقد الإجتماعي الذي تقوم عليه الدولة المعاصرة، وشريك أصيل في بنائها، وهي ليست دولة فتوح ينقسم مواطنوها إلى فاتح منتصر ومغلوب خانع، كما كان الحال في الماضي.
ثانيا: كتب الشيخ العلامة يوسف القرضاوي في كتابه (غير المسلمين في المجتمع المسلم) "ولأهل الذمة الحق في تولي وظائف الدولة كالمسلمين، إلا ما غلب عليه الصبغة الدينية كالإمامة ورئاسة الدولة والقيادة في الجيش، والقضاء بين المسلمين، والولاية على الصدقات، ونحو ذلك". وزاد الشيخ الكريم في كتابه (الدين والسياسة) "وما عدا هذا المنصب الحساس [رئاسة الدولة] فالمجال مفتوح لغير المسلمين في كل ما يُحصِّلون شروطه، ويمتلكون مؤهلاته، ومن ذلك منصب الوزارة كما ذكر الإمامان: أبو الحسن الماوردي، وأبو يعلى الفرَّاء في (الأحكام السلطانية) من تولي أهل الذمة وزارة التنفيذ، وهناك بعض الوزارات لها حساسيات واعتبارات معيَّنة، مثل: وزارة الدفاع ووزارة الداخلية...".
وهذا اعتماد من الشيخ -وهو المجتهد المجدد- على الفقه القديم دون تدقيق مؤصِّل، وتوسيع لمفهوم الوظائف الدينية دون دليل.
وهذا اعتماد من الشيخ -وهو المجتهد المجدد- على الفقه القديم دون تدقيق مؤصِّل، وتوسيع لمفهوم الوظائف الدينية دون دليل.
ونحن اليوم في أمس الحاجة إلى الخروج من طوق الفقه السياسي القديم، وفهم سياقاته التاريخية الموجِّهة، وبناء فقه سياسي جديد يعتمد روح الوحي وحاجة العصر.
ثالثا: كتب الشيخ راشد الغنوشي في كتابه (الحريات العامة في الدولة الإسلامية) "فالجميع [جميع الفقهاء] متفقون على أن الحاكمية العليا هي الشريعة، وأنه لا تجوز ولاية غير المسلم على المسلم وخاصة في بلد غالبيته إسلامية". وفي موطن آخر "وليس أمام غير المؤمنين بالإسلام إلا أن يسلموا ليتمتعوا بالحقوق العامة للمواطنة، ومنها الإرتقاء إلى حق رئاسة الدولة الإسلامية، أو رئاسة مجلس الشورى، أو قيادة الجيش، أو رئاسة مجلس القضاء الأعلى مثلا".
أما نقل الشيخ الغنوشي اتفاق فقهاء الماضي على رفض ولاية غير المسلم رئاسة الدولة فنقل صحيح، لكن اتفاقهم كان مبنيا على مصلحة في العصر الإمبراطوري، وليس مستمدا من نص في القرآن أو السنة حتى نجعل منه دينا.
أما نقل الشيخ الغنوشي اتفاق فقهاء الماضي على رفض ولاية غير المسلم رئاسة الدولة فنقل صحيح، لكن اتفاقهم كان مبنيا على مصلحة في العصر الإمبراطوري، وليس مستمدا من نص في القرآن أو السنة حتى نجعل منه دينا.
وأما اشتراطه الإسلام للحصول على كامل الحقوق السياسية، فتحكُّم لا ينسجم مع مفهوم العدل الإسلامي الذي يشمل المسلم وغير المسلم "وأمرت لأعدل بينكم، الله ربنا وربكم، لنا أعمالنا ولكم أعمالكم" (سورة الشورى، الآية 15).
محمد ولد المختار
mederdratoday@gmail.com
Tel 2240979
Tel 2240979
رائع
ردحذفليس برائع
ردحذفوالله غير رائع، بل تشم منه رائحة الشيوعية والزندقة وغيرهما، فما هو الداعي لبحث هذا الموضوع، أليست لدينا مشاكل ونوازل أعظم منه تستحق البحث والتحليل؟ هذا الرأي مدفوع بدوافع المثقفين الذين ذكرهم بودرباله في طلعته الرائعة، فغدا يأتي مقال من هذا الشخص ويقول بحرية الخروج من الملة والدخول في جميع الملل والنحل.
ردحذفاللهم اكفنا شر عامر وأربد بما شئت!
يذكر أن الشنقيطي من مواليد اجريف في الحوض الشرقي و ليس من مواليد المذرذرة
ردحذفerwaya ila 6walet tench3ab kavine men edesatir
ردحذفhad maho e6wil ga3 7ett mawazen e3likom el3gle
ردحذفهذ المقال لائع جدا
ردحذفرئع
ردحذف