لم يتغير الكثير من معالم المشهد اليومي، في تلك القرية الصغيرة التي غادرها منذ خمس سنوات .. بدأت هذه الحقيقة تتأكد لصاحبنا حتى وهو ما يزال في محطة النقل بالعاصمة؛ نفس الوجوه والشخوص ونمط التعامل الذي اعتاده خلال سفراته العديدة بين قريته الأم والعاصمة، بضع سيارات متهالكة فعل فيها تعاقب الغدو والرواح على الطريق الترابي فعله، … جل السائقين أميون احترفوا المهنة صدفة أو كمخرج من أزمة البطالة المستشرية في صفوف شباب القرية كغيرها من حواضر موريتانيا.
إختار صاحبنا مقعده في مقدمة اللاندكريزر، عن يسار فتاة سمراء، إكتشف لاحقا أنها تنتمي لواحدة من أعرق عائلات قريته، وكان السائق منهمكا في توضيب نظاراته السوداء، وشرب سجائر الكونكرس، والإستياك أحيانا بعود إثل طري، دون أن يكلّف نفسه عناء تلطيف الجو بنكتة أو حكاية يسوقها لركابه، يستميلهم بها كزبناء دائمين.
أما الفتاة الواثقة من نفسها -وربما من مكانتها الإجتماعية المرموقة- فهي أبخل بالكلمات من سائقنا الذي كان يضع ساعتين في معصمه الأيسر.
بدا الطريق المعبّد بين نواكشوط وتكند طويلا ومملا، لم تقطع رتابته سوى تلك التجمعات المتفاوتة في حجمها والمتناثرة على جنباته، بعضها يحمل أسماء عريقة كأكفرده - بوجمه - التويرجه … وأغلبها إكتسب تسمياته من طول المسافة التي تفصله عن العاصمة كالكلم 35، 48، 65 …بعض المواضع على هذا الطريق لها بعد تاريخي خاص؛ مثل مقبرة ترتلاس، الوقعة الشهيرة بين الزوايا والمغافرة (ق 11هـ / 17م) التي استشهد ودفن بها الإمام ناصر الدين مع عدد من صحبه، وعند ترتلاس كذلك قبر الأمير خفير السفن عاليت بن المختار بن أعمر بن أعل شنظورة التروزي.
وفي مؤخرة اللاندكريزر إنتظمت شبكة علاقات لمجتمع صغير، أملتها ربما ضرورة التقارب الجسدي في مساحة ضيقة، مجتمع القرية في صورة مصغرة؛ تاجر قطاعي قصد العاصمة ليعود ببضاعة متنوعة، سيدة كانت في رحلة إستشفاء رفقة وليدها، شباب عائدون إلى موطنهم في عطلة نهاية الأسبوع، والمؤكد أن ركاب مؤخرة اللاندكريزر كانوا أكثر أريحية من رفيقي صاحبنا في المقدمة، إذ تناهت إلى سمعه أصوات ضحكاتهم عدة مرات، ربما لأنهم في فضاء مكشوف ومفتوح على الأفق الرحب، في ذلك المساء الآفطوطي اللطيف، وقد يخيل إلى بعضهم -وهم قريبوا عهد بالبداوة- أنه على ظهر جمل يقطع به سهل آفطوط الساحلي، فينشرح صدره وتتهلل أسارير وجهه، على عكس الركاب المحشورين في صندوق المقدمة، الذي يشبه زنزانة سجن ضيقة، لم يخلصهم منها -ولو إلى حين- إلا ظهور قرية تكند الوادعة بمحلاتها وبيوتها المتواضعة.
ومن تكند ينطلق طريق ترابي بطول 48 كلم، أطلق عليه سياسيوا المذرذرة ذات يوم إسم طريق الوفاء، ربما تفاؤلا، وهم على كل حال يسلكونه دوريا وفاء للصنكة.
سليمان ولد حامد‘‘
mederdratoday@gmail.com
ericsson
ردحذفخواطر جميلة ومأثرة خصوصا عندما تاتي علي ذكرالقري الصنهاجية القديمة مثل ترتلاس واكفرده ألا انني مازلت اشتاق ان تتمم الخواطر بذكر مضارب اهلي بين تكند وتنذيكرتن
ردحذفخواطر جميلة ولكنها قصيره فنحن فانتظار بقية الطريق. تذكرت عندما ذكرت "أكفرد" شور كانت تغنيه النعمة في بداية مشوارها الغناءي يسمى "لغريد آن نبغيه" تقول فيه (أكفرد والزعاق# وإعريكيب إمسيكين).
ردحذفملاحظة بسيطة:نرجو منكم أن تساعدونا على معرفتكم أنتم أبناء حامٌد و الشيخ سيديا وملاي الزين...لأن كلكم يضع إسم جده العاشر حرصا منه أن يكون معروفا وهذا فالحقيقة لايزيدكم إلا نكرة لأن الأسماء في هذه الأسر متكررة كباقي الأسر الكبيرة.
Un peu de gratitude envers vers vos pères qui ont tout fait pour que vous soyez ce que vous êtes aujourd'hui, c'est la moindre des choses quand même.
بسم الله الرحمن الرحيم
ردحذفلاول مرة اشاهد هاد الموقع فجزاكم الله عن اهل المدردرة ما شدنئ عليه مقابلة العلامة الجليل حمدا جزاه الله هو الاخر عن اهل المدردرةالسلام عليكم ورحمة الله وبركات