السبت، 16 مايو 2009

حبيب ولد محفوظ
1960 - 2001

سنة 1991 مع بداية العهد الديمقراطي بدأ ولد الطايع بإستمالة رؤساء القبائل وأعطى كل رئيس قبيلة سيارة ذات دفع رباعي من نوع تويوتا كتب حبيب ولد محفوظ " بداح " عن ظاهرة " Toyotaya " تويوطايع، وأسس " فى يوليو 1993 صحيفة " القلم - le Calame " واسعة الإنتشار والتى اشتهرت من خلال عموده الأسبوعي " موريتانيد - Mauritanides "
منعت القلم من النشر ثلاث مرات وتمت مصادرتها 34 مرة، فلم يزد ذلك أهلها إلا إصرارا على مقارعة الظلم والإستبداد.
نال حبيب سنة 1995 جائزة حرية التعبير من قبل " تريبيون" فى جنيف " سويسرا ".
تشبع حدثا بأخلاق أهل إيكيدي فكان مرهف الحس موطأ الأكناف حسن السجايا عبقريا، لايعيد نفسه بل كل يوم يأتي بجديد، كان منجما من النبل والوداعة و كان ضليعا فى لغة موليير، أوتيّ ملكوتها وعرف أسرارحروفها وغريبها فكان ينام ملئ جفونه عن شواردها في حين يسهر الخلق جراها ويختصم كان يمتلك فى كتاباته أسلوبا يجمع بين بلاغة الشعر ودقة الفنان وسخرية الناقد ، فكان يكتب السهل الممتنع من لغة القوم وكان ضليعا فى الفلسفة والتاريخ والأدب وثقافة البظان كان موسوعة بمعنى الكلمة يحفظ " إغنَ ولد أحمد يوره " وولد حامد وول مكي ...

كان معاوية رغم استيائه من كتابات حبيب يحرص على قراءتها كما يقال وله طقوس خاصة في ذلك حيث كان يبعث مدير تشريفاته ملعينين ولد التومي لجلب " القلم " يجلس على مكتبه يضع علبة سجائر " الدنهيل " ويطلب قهوة ويجلس يدخن فى صمت ويمتص بأهدابه انحناءات ريشة " بَدَّاح" يقطب أحيانا ويغرق فى الضحك أحيانا ويتمطى لو طال المقال .

كان حبيب فى مقاله " موريتانيد " كثيرا ما ينتقد ولد الطايع بأسلوب مضحك على أساس أن شر البلية مايضحك، يتحدث عن ولد الطايع وهو يدخل إلى مطعم " افريسكو" وهو مطعم لبناني يقع جنب المركز الثقافى السوري فى العاصمة قبل انتقاله إلى تفرغ زينه فى التسعينات، يتناول ولد الطايع وجبة الفطور .. ، عندما يتحدث ولد الطايع عن موريتانيا وازدهارها يكتب حبيب : أن هنالك موريتانيا أخرى موازية لا نراها؛ ربما هي التي كانت تعنيها قيادتنا الوطنية .. ، ويقول إن الحزب الجمهوري كان أقرب للحزب الوحيد في الأنظمة الشمولية، ولم يكن من المستغرب أن تماثل تركيبته وقاعدته التنظيمية قاعدة وتركيبة "حزب الشعب الموريتاني " و "هياكل تهذيب الجماهير" ولعل تشابه هذه السمات جعل له خاصيتين ينفرد بهما، هما :- كونه قد سبق وجوده ماهيته "على لغة الفلاسفة الوجوديين" - وكونه الحزب السياسي الوحيد في العالم الذي لا يقوم بعمل سياسي "باعتباره حزب السلطة "، كان يسخر من ظاهرة عدم الإستقرار السياسي ويطلق على تعاقب الرؤساء " الرؤساء الرحل " على غرار البدو الرحل.

من مقولاته : إن الوزير عندنا لا بد أن يكون شخصا نكرة حتى يطمئن سيده، وقولته المشهورة : "الحرية لا تبلى إلا إذا لم تستخدم".

كثيرا ما ضحك " بداح من حوار ذلك الرجل مع الرحالة الفرنسي "سانت اكسبيري " الذى زار المنتبذ القصي فى نهاية الثلاثينات من القرن الماضي وبسبب عطب فني اضطُر لإنزال طائرته في عمق صحراء المنتبذ القصي وبعد فترة من الوحدة والإنتظار مر عليه رجل على دابته متجها لجلب الملح آنسه وقام بمساعدته إلا أن اكسبيري لاحظ أن الرجل لم تثر الطائرة اهتمامه فقال له مزهوا : هل تعرف أني بهذه الأداة الضخمة أطوي من المسافة في ساعتين ما تحتاج أنتَ لقطعه إلى ستة أشهر؟ حينها رد الرجل دون كبير اهتمام بالطائرة:- وفي بقية الأشهر الستة ما ذا تفعل ؟ - ذلك ما يسميه الباحث "تيودور مونو" "الزمن الكوني " زمن المنتبذ القصي - وفى البحث عن الطريقة التى تفاهم بها الرجلان فإن سانت اكسبيري لا يُرجَّح أن يكون يعرف العربية = الحسانية ومن هنا فالراجح هوأن يكون الرجل يعرف الاثني عشر فعلا التي يقول " بَداحْ " إنها كانت ميزة ظهور الفرانكفونية الموريتانية وسببا أصليا في سوء تفاهم أوربي موريتاني مستديم؟

المشهد

mederdratoday@gmail.com

هناك تعليق واحد: